فتاوى نسائية

01----الصنف: فتاوى طبية

 

تمريض المرأة للرجل

 

 السؤال:  نرجو من شيخنا أبي عبد المعز-حفظه الله ونفع به- أن يفيدنا بالجواب على مسألة تتعلق بحكم مداواة الممرضة للرّجال، و كذلك فيما يخص ضرب الحقن إن لم يكن في المستوصف إلا هي للقيام بهذا و لعدم وجود ممرض من الرجال.

أفيدونا جزاكم الله خيرا تفصيلا شافيا. 

الجواب: الحمد لله ربّ العالمين و الصلاة و السلام على محمد و على آله و صحبه و التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فالأصل في اختلاط المرأة بالرجل المنع والحظر، و كذا في ستر العورات للأدلة الواردة في ذلك، غير أنّه يُستثنى من المنع بعض الحالات ترجع إلى الضرورة أو الحاجة الشرعية أو المصلحة الشرعية، بشرط أمن الفتنة وعدم الخلوة مع الالتزام بالآداب والأحكام الشرعية التي تلتزم بها المرأة في لباسها وكلامها وزينتها وفي نظرها للأجنبي و نظر الأجنبي لها وانعَدم من يقوم بذلك من الرّجال ويشهد لذلك ما رواه البخاري عن الرُّبيّع بنت مُعوّذ قالت: "كنّا مع النّبي صلى الله عليه وسلم نسقي ونداوي الجرحى ونردُّ القتلى إلى المدينة"(١) وما رواه البخاري أيضا "أنّ عائشة و أمّ سُليم رضي الله عنهما كانتا تنقلان القرب على متونهما، ثمّ تفرغانه في أفواه القوم، ثمّ ترجعان فتملآنها، ثمّ تجيئان فتفرغانه في أفواه القوم"(٢) فإنّ مثل هذه الأعمال المتعلقة بالجهاد تُحقق مصلحة شرعية أجاز الشرع للنّساء القيام بها وإن اقتضت مخالطة الرجال، و في صحيح مسلم عن أنس بن مالك قال: "كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يغزو بأمّ سُليم ونسوة من الأنصار معه إذا غزا فيسقين الماء ويداوين الجرحى"(٣) وقد تدفع الحاجة والمصلحة إلى الاختلاط لغرض خدمة الضيوف، و قد جاء في الحديث الذي رواه البخاري أنّه: " لماّ عرّس أبو أُسَيد الساعدي دعا النّبي  صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه، فما صنع لهم طعاما، ولا قرّبه إليهم إلاّ امرأته أمّ أُسيد"(٤).

هذا، واعلم أنّه لا يجوز للمرأة كشف عورتها لطبيب أو من يقوم مقامه مع وجود طبيبة أو ممرضة تُغني عنه، و إذا كشفت عورتها فلا يشرع لها أن تكشف منها ما لا ضرورة في كشفه على ما قرره السيوطي و ابن نُجَيم في الأشباه و النظائر عملاً بقاعدة الضرورات تقدر بقدرها.

و إذا مرضت مرضاً لا هلاك معه، غير أنّه يسبب لها ألماً شديداً و مستمراً فيجوز لها أن تكشف عورتها للطبيبة أو للطبيب عند تعذر وجود الطبيبة إذا تعين ذلك لشفائها تنزيلاً للحاجة منزلة الضرورة عامة أو خاصة، حيث أنّ ستر العورة تحسيني وزوال الألم الدائم حاجيّ، والحاجيّ أولى من التحسينيّ مطلقاً بخلاف ما لو كان الألم خفيفًا و معتادًا، فلا يجوز لها كشف العورة لاستواء درجة دفع الألم مع ستر العورة لأنّ كلاًّ منهما تحسينيّ، غير أنّه يغلب ستر العورة تقديماً للحاظر على المبيح، و شأن النّساء مع الرّجال كشأن الرّجال مع النّساء لقوله صلى الله عليه وسلم: "النّساء شقائق الرّجال"(٥) ما لم يرد دليل الخصوصية.

والله أعلم بالصواب؛ و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله و صحبه وإخوانه و سلم تسليما.

 


١- أخرجه البخاري كتاب الجهاد، باب مداواة النساء الجرحى في الغزو(2882)، من حديث الربَيِّع بنت معوّذ رضي الله عنها.

٢- أخرجه البخاري كتاب الجهاد والسير، باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال(2880)، ومسلم في الجهاد والسير(4786)، والبيهقي(18311) من حديث أنس رضي الله عنه.

٣- أخرجه مسلم كتاب الجهاد والسير، (4785). وأبو داود أول كتاب الجهاد، باب في النساء يغزون(2533). والترمذي كتاب السير، باب ما جاء في خروج النساء في الحرب(1670).من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

٤- أخرجه البخاري في «النكاح»، باب قيام المرأة على الرجال في العرس وخدمتهم: (4887), ومسلم في «الأشربة»، باب إباحة النبيذ الذي لم يشتد ولم يصر مسكرا: (5233). وابن ماجه في «النكاح»، باب الوليمة: (1912)، وابن حبان في «صحيحه»: (5395)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (17880)، من حديث سهل ابن سعد الساعدي رضي الله عنه.

٥- أخرجه أبو داود في «الطهارة»، باب في الرجل يجد البلة في منامه (236)، والترمذي في «أبواب الطهارة» باب ما جاء فيمن يستيقظ فيرى بللا ولا يذكر (113)، وأحمد (25663)، وأبو يعلى (4694)، والبيهقي (818)، من حديث عائشة رضي الله عنها. والحديث صححه الألباني في «صحيح الجامع» (2333)، وفي «السلسلة الصحيحة» (2863).
02------------فتاوى الطهـارة

 

السن الذي ينقطع فيه دم الحيض وما يترتب عليه من أحكام  

 

السؤال: والدتي تبلغ من العمر 53 سنة ولحد الآن لا يزال يأتيها الدم (دم الحيض) بانتظام وفيما مضى كانت  إذا أتاها الدم انقطعت عن الصيام والصلاة حتى تطهر، ولكن في شعبان من السنة الماضية قرأت فتوى للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى، إجابة عن سؤال طرح له ونص الفتوى موجود لديكم إن شاء الله(١)، وعندما أخبرت والدتي بالفتوى أصبحت تصوم وتصلي وعليها الدم، وقد أخبرتها أنّنا ولله الحمد لم نتبع في ذلك الهوى لكن كان اعتمادا على فتوى لعالم ثقة، علما أنّ الطبيبة أخبرتها مؤخرا أنّ هذا الذي يأتيها هو دم حيض ما دام أنها حين حاضت أول مرة كان سنّها 16 سنة والطبيبة تقول: إنّ انقطاع الحيض عنها سيكون عند بلوغها سن 54 إلى 56 سنة ووالدتي الآن تسأل هل تصلي وتصوم وهي في تلك الحال أم لا؟ وهل تقضي الأيام التي كانت صامتها في رمضان الماضي وعليها الدم ؟.

أفيدونا يرحمكم الله؛ والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل وبارك الله فيكم وجزاكم عنّا خير الجزاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

الجواب: الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على من أرسله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:

 فإنّ الذي أفتى به سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز –رحمه الله تعالى- هو رواية عن أحمد نقلها الخرقي عنه، وبها قال إسحاق بن راهويه، وروي هذا عن عائشة موقوفا عليها، وفي هذه المسألة أقوال أخرى مختلفة في تحديد سنّ اليأس، وغالبها يبني المسألة على العرف وعادة النساء بالتتبع والاستقراء، وفي تقديري أنّ أقوى الأقوال من يرى أنّه لا وقت لانقطاع الحيض وبه قال ابن حزم وابن تيمية رحمهما الله وغيرهما، ذلك لأنّ دم الحيض معروف في تكوينه، كثيف كأنّه محترق، له رائحة كريهة وهو أسود محتدم، وقد يتغير إلى الحمرة والصفرة والكدرة، وقد يكون مخاطا وله وقت تعتاده النساء، وهو دم لا يتجلط: أي لا يتجمد في الأوعية الدموية، بخلاف دم الفساد أو الاستحاضة فهو أحمر قاني ليس له رائحة ويتجلط ويأتي مستمرا أو في غير الوقت الذي تعتاده النساء.

 وعليه فالمرأة المسنة التي رأت الدم  بمثل هذه الأوصاف المذكورة فهو حيض مانع لها من الصلاة والصوم والطواف والوطء، لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث فاطمة بنت أبي حبيش:"إذا كان دم الحيض فإنّه أسودُ يُعْرَف"(٢) وأمر صلى الله عليه وسلم أن من رأته أن تترك الصلاة، والصيام في الحديث المتفق عليه:"أليس إذا حاضت المرأة لم تصل ولم تصم"(٣) وفي شأن الحيض يقول عليه الصلاة والسلام :"هذا شيء كتبه الله على بنات آدم"(٤) ولم يفصل في مقام الاحتمال بين الشابة والمسنة من بنات آدم، وترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال، كما أنّه لم يرد نص ولا إجماع بأنّه ليس حيضا، فيستصحب الحكم ويبقى ما كان على ما كان.

 هذا والمستفتي تابع للمفتي في اجتهاده وفتواه، ولا يترتب على العمل بالفتوى عتاب وقضاء ولا كفارة ولا عقاب، بل هو مأجور للامتثال للأمر الوارد في قوله تعالى : ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ[النحل:43] وقوله صلى الله عليه وسلم:"ألا سألوا إذ لم يعلموا فإنّما شفاء العي السؤال"(٥)، اللّهم إلاّ إذا ظهر في المسألة المستفتى فيها خطأ قطعا لكون المفتي خالف نصا لا معارض له أو إجماع أمة، فعلى المفتي أن يخبر المستفتي إن كان قد عمل بالفتوى الأولى، وعليهما أن يعدلا عن العمل بها، وإذا كانت الفتوى الأخرى المعتمدة توجب أحكاما ترتبت هذه الأحكام عليهما.

والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين.

 

الجزائر في 5 رجب 1421هـ

الموافق 5 أكتوبر2000 م


١- نص فتوى سماحة الوالد، الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

صلاة المستحاضة:

س- امرأة تبلغ من العمر اثنتين وخمسين سنة يسيل معها دم ثلاثة أيام بقوة والباقي خفيف في الشهر، هل تعتبر ذلك دم حيض وهي فوق خمسين سنة مع العلم بأنّ الدم يأتيها بعد شهر في بعض الأحيان أو شهرين أو ثلاثة؟ فهل تصلي الفريضة والدم يسيل معها؟ كذلك هل تصلي النوافل كالرواتب وصلاة الليل؟

ج- مثل هذه المرأة عليها أن تعتبر هذا الدم الذي حصل لها دما فاسدا لكبر سنها واضطرابه عليها. وقد علم من الواقع وممّا جاء عن عائشة –رضي الله عنها- أنّ المرأة إذا بلغت خمسين عاما انقطع عنها الحيض والحمل أو اضطرب عليها الدم، واضطرابه دليل على أنّه ليس هو دم الحيض، فلها أن تصلي وتصوم، وتعتبر هذا الدم بمثابة دم الاستحاضة لا يمنعها من صلاة ولا صوم، ولا يمنع زوجها من وطئها في أصح قولي العلماء، وعليها أن تتوضأ لكلّ صلاة، وتتحفظ منه بقطن ونحوه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للمستحاضة:"توضئي لكل صلاة"رواه البخاري في صحيحه .   الشيخ ابن باز

٢- أخرجه أبو داود كتاب الطهارة باب من قال إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة(286)، والنسائي كتاب الطهارة باب الفرق بين دم الحيض والاستحاضة(217)، من حديث فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها. وصححه الألباني في الإرواء(1/223) رقم(204). 

٣- متفق عليه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أخرجه البخاري كتاب الحيض باب ترك الحائض الصوم(304)، ومسلم كتاب الإيمان (252).

٤- أخرجه البخاري كتاب الحيض باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت(305)، ومسلم كتاب الحج (2976)، من حديث عائشة رضي الله عنها.

٥- أخرجه أبو داود كتاب الطهارة باب في المجروح يتيمم(336) من حديث جابر رضي الله عنه، والحديث حسنه الألباني في تمام المنة (ص131)، وفي صحيح سنن أبي داود(336).
03-------------

 

دخول الحائض المسجد

 

السؤال: يرجى من الشيخ أبي عبد المعز أن يبين لنا على وجه التحقيق مسألة دخول الحائض المسجد مطلقا أو للحاجة مع التفصيل. وشكرا.

 

الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد:

فلم يرد دليل ثابت وصريح في حق الحائض ما يمنعها من دخول المسجد، والأصل عدم المنع، وقد وردت جملة من المؤيدات لهذا الأصل مقررة للبراءة الأصلية منها: ما ثبت من حديث عائشة رضي الله عنها فيما رواه البخاري وغيره:" أنّ وليدة سوداء كانت لحي من العرب فأعتقوها، فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأسلمت فكان لها خباء في المسجد أو حفش"(١) ولا يخفى عدم انفكاك الحيض عن النساء إلا نادرا، ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنّه أمرها باعتزال المسجد وقت حيضتها والأصل عدمه، ولا يصح أن يعترض عليه بأنّه واقعة عين وحادثة حال لا عموم لها، لأنّ الذي يضعف صورة تخصيصها بذلك كون القصة مؤكدة للبراءة الأصلية، يؤيدها عموم قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«إنّ المسلم لا ينجس»(٢) ويقوي هذا الحكم مبيت أهل الاعتكاف في المسجد مع ما قد يصيب المعتكف النائم من احتلام، والمعتكفة من حيض، وهي أحوال غير خفيّة الوقوع في زمنه صلى الله عليه وآله وسلم ومنتشرة انتشارا يبعد معه عدم علم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وهو المؤيَّد بالوحي.

ويشهد للأصل السابق قوله صلى الله عليه وآله وسلم لعائشة رضي الله عنها في حجة الوداع لمّا حاضت: «افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري»(٣)، ولم يمنعها النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الدخول إلى المسجد والمكث فيه، وإنّما نهاها عن الطواف بالبيت، لأنّ الطواف بالبيت صلاة، وقد ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "إنّ أول شيء بدأ به النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين قدم مكة أنّه توضأ ثمّ طاف بالبيت"(٤) فهذا يدل على وجوب الطواف على طهارة، بناء على أنّ كلّ أفعاله صلى الله عليه وسلم في الحج محمولة على الوجوب في الأصل. ومعلوم للعاقل أنّ الفعل لا يمكن أن يؤمر به وينهى عنه من وجه واحد لاستحالة اجتماع الضدين، وهو تكليف بما لا يطاق، وإنّما  يجوز أن يكون الفعل مأمورا به من وجه ومنهيا عنه من وجه آخر لإمكان اجتماع مصلحة ومفسدة في الفعل الواحد، وبالنظر لوجود الوصف المانع من الطواف نَهَى عنه النبي صلى الله عليه وسلم لاشتماله على مفسدة، وأمرها بما يفعله الحاج لاشتماله على تحصيل مصلحة، ولا يخفى أنّ جنس فعل المأمور به والمثوبة عليه أعظم من جنس ومثوبة ترك المنهي عنه، وأنّ جنس ترك المأمور به والعقوبة عليه أعظم من جنس العقوبة على فعل المنهي عنه(٥)، وإذا تقرر ذلك فإنّ أمره صلى الله عليه وآله وسلم لعائشة رضي الله عنها-وهي حائض- أن تفعل ما يفعله الحاج إنّما هو من جنس المأمور به وهو أعظم من جنس ترك المنهي عنه، فلو كان أمره صلى الله عليه وآله وسلم مقتضيا لعدم جواز دخول الحائض المسجد لكان عدولا عن جنس المأمور به إلى المنهي عنه، وهو دونه في الرتبة، فيحتاج -حالتئذ- إلى بيان في الحال وتأخيره عن وقت الحاجة لا يجوز كما تقرر في الأصول(٦).

ويشهد-أيضا- للأصل المتقدم، إنزاله صلى الله عليه وآله وسلم وفد ثقيف في المسجد قبل إسلامهم، ومكث فيه الوفد أياما عديدة وهو صلى الله عليه وآله وسلم يدعوهم إلى الإسلام، كما استقبل في مسجده نصارى نجران حينما جاءوه لسماع الحق ومعرفة الإسلام، هذا وغيره وإن كان يدلّ على جواز إنزال المشرك في المسجد والمكث فيه لمن كان يرجى إسلامه وهدايته مع ما كانوا فيه من رجس معنوي كما قال تعالى:(إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا) [التوبة:28] ولا يبعد أن تتعلق بهم جنابة من غير اغتسال أو نجاسة حسية من بول أو غائط لعدم الاحتراز، فإنّ المسلم والمسلمة أطهر حالا وأعلى مكانا وأولى بدخول المسجد والمكث فيه ولو اقترن بهم وصف الجنابة أو الحيض أو النفاس لكون المسلم طاهرا على كلّ حال لقوله صلى الله عليه وآله وسلم:«إنّ المسلم لا ينجس»(٧)، ولا يصح أن يُعترض بأنّ حكم المنع خاص بالمسلمين دون المشركين فلا يلحق بهم إلحاقا قياسيا، ذلك لأنّ المعتقد قائم في أنّ الكفار مخاطبون إجماعا بالإيمان -الذي هو الأصل- ومطالبون بالفروع مع تحصيل شرط الإيمان للأوامر الشرعية الموجبة للعمل المتصفة بالعموم لسائر الناس كقوله تعالى: ﴿ولله على الناس حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا[آل عمران:97] وغيرها والكافر معاقب أخرويا على ترك أصل الإيمان أولا، وما يترتّب عليه من فروع الشريعة ثانيا، لِما أخبر به تعالى عن سائر المشركين في معرض التصديق لهم، تحذيرا من فعلهم: ﴿ما سلككم في سقر، قالوا لم  نك  من المصلين و لم  نك  نطعم المسكين و كنا نخوض مع الخائضين و كنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين(٨) [المدثر:42/47].

هذا، وغاية ما يتمسك به المانعون من دخول الحائض المسجد:

أولا: إلحاقها بالجنب إلحاقا قياسيا إذ الجنب-وهو المقيس عليه- ورد النهي عن قربانه المسجد إلاّ إذا اتخذه طريقا للمرور وذلك في قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة و أنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا[النساء:43]، ويكون حمل الآية على الإضمار تقديره: "لا تقربوا مواضع الصلاة"، أو كناية عن المساجد حيث أقيمت مقام المصلى أو المسجد، وهذا التفسير -وإن نقل عن بعض السلف كابن مسعود وسعيد بن جبير وعكرمة والزهري وغيرهم- إلاّ أنّه معارض بتفسير آخر يحمل الصلاة على نفسها ويكون معنى الآية: "ولا تقربوا الصلاة جنبا إلا أن تكونوا مسافرين ولم تجدوا ماء فتيمموا" وهذا التفسير منقول عن علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهم ومجاهد والحسن بن مسلم وغيرهم، وبه قال أحمد والمزني.

والتفسير الأول الذي حمل الصلاة على مواضعها أو حمله كنايةً عن المساجد مخالف للأصل، إذ الأصل في اللفظ أن يكون مستقلا ومكتفيا بذاته، لا يتوقف معناه على تقدير، خلافا للإضمار، وإذا دار اللفظ بين الاستقلال والإضمار، فإنّه يحمل على الاستقلال لـقلة اضطرابه، والتفسير الثاني مستغنٍ في دلالته عن الإضمار بخلاف الأول فمفتقر إليه، ومعلوم أنّ الألفاظ المقدرة إنما يُصار إليها عند الحاجة وانعدام وجود لفظ مناسب لمعنى اللفظ ضرورة لتصحيح الكلام، وقد استقام المعنى بالتفسير الثاني فلا يُعدل عنه إلى غيره، وقد يُعترض أنّ تأوُّل الآية على أنّ «عابري سبيل» هم المسافرون، ولم يكن في إعادة ذكره في قوله تعالى:(وإن كنتم مرضى أو على سفر) معنى مفهوم، إذ لا فائدة في تكراره وانتفاؤها عبث يجب تنزيه الشارع عنه، ولو أفاد تكراره التأكيد لكان خلاف الأصل، إذ الأصل التأسيس وهو أولى من التأكيد، ذلك لأنّ الأصل في وضع الكلام إنّما هو إفهام السامع ما ليس عنده.

فجوابه أنّ التأسيس مبني على صرف كلمة "الصلاة" عن معناها الحقيقي إلى المعنى المجازي وهو خلاف الأصل، إذ المقرّر في الأصول أنّ النص إذا دار بين الحقيقة الشرعية والمجاز الشرعي، فحمل اللفظ الشرعي على حقيقته أولى من حمله على المجاز، فضلا عن ذلك فإنّه يلزم على القول بأنّ في القرآن مجازا، أن القرآن  يجوز نفيه لإجماع القائلين بالمجاز على أنّ كلّ مجاز يجوز نفيه ويكون نافيه صادقا في نفس الأمر ولا ريب أنّه لا يجوز نفي شيء من القرآن(٩)، وبناء على ما تقدم فحمل اللفظ المبني على حقيقته الشرعية المكتفي بذاته على وجه الاستقلال، -وإن أفاد التأكيد- أولى من حمله على المجاز المفتقر في دلالته على الإضمار -وإن أفاد التأسيس- لأصالة الحقيقة الشرعية وهي مقدّمة على الحقيقة العرفية واللغوية فمن باب أولى مع المجاز الشرعي.

ولو حملنا تفسير الآية على تقدير الإضمار فإنّ الحكم يقتصر على الجنب ولا تُلحق به الحائض إلاّ بنوع قياس يظهر قادح الفرق بينهما جليا من ناحية أنّ الجنب غير معذور بجنابته وبيده أن يتطهر، والآية تحثه على الإسراع في التطهر، بخلاف الحائض فمعذورة بحيضتها، فلا تملك أمرها ولا يسعها التطهر من حيضتها إلاّ بعد انقطاع الدم، فحيضتها ليست بيدها، وإنّما هي شيء كتبه الله على بنات آدم، وهذا الفرق الظاهر بين المقيس والمقيس عليه يقدح في القياس فيفسده. وتبقى الآية محصورة في الجنب دون الحائض جمعا بين الأدلة.  

ومع ذلك فحمل لفظ "الصلاة" على الحقيقة الشرعية والاستقلال أولى بالتفسير لما يشهد لذلك عموم حديث «المسلم لا ينجس» وما تقدم من أدلة شاهدة على الجواز كمبيت الوليدة السوداء وأهل الاعتكاف وقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لما حاضت:«افعلي ما يفعله الحاج إلا أن تطوفي بالبيت» وفضلا عن ذلك لو سُلّم القياس على الجنب فقد ثبت أنّ أصحاب الصّفّة كانوا يبيتون في المسجد لا مأوى لهم سواه(١٠) ويؤيد ما ذكرنا ما أخرجه سعيد بن منصور في سننه بإسناد حسن عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار قال:"رأيت رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضؤا وضوء الصلاة"(١١).

ثانيا: وأمّا الاستدلال بحديث جسرة بنت دجاجة قالت: "سمعت عائشة رضي الله عنها تقول:"جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد، فقال: «وجهوا هذه البيوت عن المسجد» ثمّ دخل النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصنع القوم شيئا رجاء أن تنزل فيهم رخصة فخرج إليهم بعد، فقال: «وجهوا هذه البيوت عن المسجد فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب»(١٢) فلو صح الحديث لكانت دلالته صريحة على تحريم دخول المسجد للحائض والجنب، ولكنّه ضعيف لا يصلح للاحتجاج به لمجيئه عن طريق جسرة، وحاصل القول فيها أنّ الحجة لا تقوم بحديثها إلاّ بشواهد، و لهذا قال الحافظ في التقريب: "إنها مقبولة"(١٣) أي مقبولة إذا  توبعت وإلا فليّنَة، وفي هذا الحديث لم تتابع، والحديث ضعفه جماعة منهم: الإمام أحمد والبخاري والبيهقي وابن حزم وعبد الحق الإشبيلي وغيرهم.

ثالثا: أمّا حديث أمّ عطية قالت: "أمرنا أن نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور، وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين"(١٤) الذي استدل به على منع الحائض من المصلى فتكون ممنوعة من المسجد من باب أولى، ومن جهة أخرى فلو حمل اللفظ على "الصلاة" لأفاد التأكيد الذي يقصد به تقوية لفظ سابق، وهو على خلاف الأصل، لأنّ الأصل في وضع الكلام إنّما هو التأسيس، لذلك كان حمله على "المصلّى" أولى من حمله على "الصلاة" فالصواب أنّه لا دلالة فيه على هدا المعنى، لأنّ المراد بالمصلى في الحديث إنّما هي الصلاة ذاتها بدليل رواية مسلم وغيره وفيه: "فأمّا الحيض فيعتزلن الصلاة". ويقوي هذا المعنى رواية الدارمي: "فأمّا الحيض فإنّهنّ يعتزلن الصف"(١٥)، فحمله على الصلاة نفسها ليس فيه خلاف بينما إذا ما حملت على لفظ "المصلى" فمختلف فيه، وقد تقرر أنّ المتفق عليه أرجح من المختلف فيه. ومن زاوية أخرى فحمله على التأكيد-وإن كان خلاف الأصل- إلاّ أنّه أولى بالتقديم لوجود قرائن تدلّ عليه، منها: أنّ لفظ الاعتزال الذي هو التنحي والبعد عن الشيء يتعدى بحرف"عن" الدّال على المجاوزة، وهو يدلّ بدلالة الالتزام على ابتداء الغاية، إذ كلّ مجاوزة فلا بدّ لها من ابتداء غاية، فيكون المصلى هو مبدأ الاعتزال وهو الغاية المأمور بها، فدلّ على أنّ الحائض حلّت به ابتداء، علما أنّ المصلى غير محدود بحدّ حتى يمكن أن تخرج منه، ولو سُلّم أنّه محدود حدّا عرفيا لما وسعها أن تَرِده من جديد عند سماع خطبة العيد ودعوة المصلين الذي هو علة خروجها إلى المصلى، فدلّ ذلك على أنّ المراد بالمصلى الصلاة ذاتها. 

وعلى تقدير حمل الحديث على اللفظين معا، للزوم أحدهما الآخر باعتزال الحائض المصلى والصلاة بحيث لا يكون أحد اللفظين نافيا للآخر فلا دلالة فيه-أيضا- على منع الحائض من دخول المسجد، ذلك لأنّ صلاة العيد التي كان يؤديها النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع أصحابه إنّما كانت بالفضاء ولم ينتقل عنه بسند مقبول على أنّه أداها في المسجد، وقد جعلت الأرض كلّها مسجدا، والحائض والجنب يباح لهما جميع الأرض بلا خلاف، وهي مسجد فلا يجوز أن يُخَصّ بالمنع من بعض المساجد دون بعض(١٦).

-أمّا قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: "ناوليني الخمرة من المسجد" قالت: فقلت: إنّي حائض فقال: « إنّ حيضتك ليست في يدك»(١٧) وفي رواية مسلم: "تناوليها فإن الحيضة ليست في اليد"(١٨) وقد اختلف في فقه الحديث وهل الخمرة كانت داخل المسجد أو خارجه؟

فمن أجاز لها دخول المسجد بظاهر لفظ الحديث السابق الذي يفيد أن الخمرة كانت بداخل المسجد، فقد حمل قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن حيضتك ليست في يدك» على قيام عذرها بحيضتها ولا دخل لها ولا إرادة لها فيها، ويعضد هذا المعنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم لها: «إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم» وعليه فلا دلالة على منع الحائض من الدخول فيه، ومن منع منه الحائض استدل برواية النسائي عن عائشة رضي الله عنها قالت بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المسجد قال: «يا عائشة ناوليني الثوب" فقالت: إني لا أصلي، فقال: «ليس في يدك» فناولته(١٩). وفي رواية أبي هريرة رضي الله عنه: قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المسجد فقال: "يا عائشة ناوليني الثوب" فقالت: إني حائض فقال: «إنّ حيضتك ليست في يدك»(٢٠) فإنّ ظاهر الروايتين يفيد أنّ الخمرة كانت خارج المسجد وأنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أذن لها في إدخال يدها فقط دون سائر جسدها ولو كان أمرها بدخول المسجد لم يكن لتخصيص اليد معنى.

والحديث تنازعه الفريقان والظاهر أنّه غير صريح في المنع ولا في الإباحة، وينبغي العدول عنه إلى غيره من الأدلة، وإذا لزم الترجيح بينهما لكان حمل قوله: «إن حيضتك ليست في يدك» على معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم» وتفسيره به أولى، لأنّ ما يعضده دليل  مقدّم على ما لم يعضده دليل آخر، ومن جهة أخرى فإنّ الاستدلال بالحديث على تخصيص إدخال اليد في المسجد دون سائر الجسد تأباه الصناعة الأصولية وقد تقرر في القواعد أنّ "تحريم الشيء مطلقا يقتضي تحريم كل جزء منه"(٢١)، لذلك كانت الأدلة المقررة للبراءة الأصلية مثيرة لغلبة الظن وموجبه للعمل.

ومع ذلك فإن كان في ترك الحائض دخول المسجد ما تحقق به مصلحة راجحة من تأليف القلوب عن طريق ردم الخلاف فإنه: "يستحب الخروج من الخلاف"(٢٢) وقد ترك النبي صلى الله عليه وآله وسلم تغيير بناء البيت لما فيه جمع القلوب وتأليفها وصلّى ابن مسعود خلف عثمان رضي الله عنهما بعد إنكاره عليه لإتمام الصلاة في السفر دفعا للخلاف ونبذا للشقاق، أمّا إذا كانت الحاجة أو المصلحة داعية إلى دخول المسجد لطلب العلم الشرعي أو للاستفتاء مثلا كان مأخذ المخالف ضعيفا، وحالتئذ فليس الورع والحيطة الخروج من الخلاف، لأنّ شرطه أن لا يؤدي مراعاته إلى ترك واجب أو إهمال سنة ثابتة أو خرق إجماع، بل الورع في مخالفته لموافقة الشرع فإنّ ذلك أحفظ و أبرأ للدين والذمة.

 والله أعلم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلّ اللّهم على محمّـد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلّم تسليما.

 

الجزائر في:22 محرم 1419هـ

 

١- أخرجه البخاري في الصلاة(439)، من حديث عائشة رضي الله عنها.

٢- أخرجه مسلم في الحيض(851)، وأبو داود في الطهارة (230)، والنسائي في الطهارة(268)، وابن ماجه في الطهارة(535)، وأحمد(24169) من حديث حذيفة رضي الله عنه.

٣- أخرجه البخاري في الحيض(305)، ومسلم في الحج(2977)، من حديث عائشة رضي الله عنها.

٤- أخرجه البخاري في الحج(1641)، ومسلم في الحج(3060)، من حديث عائشة رضي الله عنها.

٥- انظر أفضلية جنس فعل المأمور به على جنس ترك المنهي عنه في "المجموع" لابن تيمية(20/85) وما بعدها، و"الفوائد" لابن القيم(157) وما بعدها.

٦- نقل ابن قدامة عدم الخلاف على هذا الأصل، انظر:"روضة الناظر" لابن قدامة:(2/57)، "المسوّدة" لآل تيمية:(181). وأفاد الشيخ الشنقيطي أنّ من أجازه وافق عدم وقوعه("المذكرة":185، "أضواء البيان":1/98،97).

٧- تقدم تخريجه.

٨- انظر اختلاف العلماء في مسألة مخاطبة الكفار بفروع الشريعة في"المعتمد" لأبي الحسين:(1/295)، "التبصرة" للشيرازي:(80)، "الإشارة" للباجي:(174)، "المحصول" للفخر الرازي:(1/145)، "الإحكام" للآمدي:(1/110)، "شرح تنقيح الفصول" للقرافي:(163)، "أصول السرخسي":(1/87)، "مجموع الفتاوى" لابن تيمية:(22/7-16)، "زاد المعاد" لابن القيم:(5/698-699)، "فواتح الرحموت" للأنصاري:(1/128)، "شرح الكوكب المنير" للفتوحي:(1/503)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي:(253)، "إرشاد الفحول" للشوكاني:(10)، "مذكرة الشنقيطي":(33-34).

٩- انظر"منع جواز المجاز" للشنقيطي:(4-5). وأهل السنة يختلفون في وقوع المجاز في القرآن، فمنهم من منع وقوعه مطلقا، ومنهم من أجازه فيما عدا آيات الصفات الواجب حملها على الحقيقة دون المجاز، والظاهر أنّ الخلاف لفظي على ما صرح به ابن قدامة-رحمه الله-.

(انظر المسألة في "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة:(103-109-132) "الفقيه والمتفقه" للخطيب البغدادي:(1/64)، "روضة الناظر" لابن قدامة:(1/182)، "مجموع الفتاوى" لابن تيمية:(5/200-201)(7/88-90-96-108)، "الصواعق المرسلة" لابن القيم:(2/632)، "شرح الكوكب المنير":(1/191))

١٠- انظر صحيح البخاري:(11/281)، في الرقاق، باب كيف كان عيش النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

١١- تمام المنة للألباني ص:(118).

١٢- أخرجه أبو داود:(1/157-159)، والبيهقي:(2/442-443)، وابن خزيمة:(2/284)، من حديث عائشة رضي الله عنها. وحديث جسرة بنت دجاجة ذكره الألباني في الإرواء(1/162)، وقال:(ضعيف، في سنده جسر بنت دجاجة، قال البخاري: عندها عجائب ، وقد ضعف الحديث جماعة منهم البيهقي وابن حزم وعبد الحق الإشبيلي، بل قال ابن حزم: "إنّه باطل"، وقد فصلت القول في ذلك في "ضعيف السنن" رقم:32)، وخرجه في الإرواء برقم:193، وضعفه وذكر علل من ضعفه، وذكر أنّه رد في ضعيف سنن أبي داود على من صححه كابن خزيمة وابن القطان والشوكاني، وضعفه أيضا في تمام المنة:ص(118) .

١٣- تقريب التهذيب لابن حجر:(2/593).

١٤- متفق عليه: البخاري في العيدين (974)، ومسلم في صلاة العيدين(2091)، من حديث أم عطية رضي الله عنها.

١٥- أخرجه الدارمي(1662)، من طريق عبد العزيز بن عبد الصمد عن هشام بن حسان عن حفصة عن أم عطية، ورجال سنده كلهم ثقات، أمّا عبد العزيز إن كان هو العمى فهو ثقة حافظ، وهشام بن حسان الأزدي فهو ثقة -أيضا-.

١٦- انظر المحلى لابن حزم(2/182).

١٧- أخرجه مسلم في الحيض(715)، وأبو داود في الطهارة(261)، والترمذي في الطهارة(134)، والنسائي في الطهارة(271)، من حديث عائشة رضي الله عنها. وانظر الإرواء(1/212).

١٨- مسلم في الحيض(716).

١٩- النسائي في الطهارة(270).

٢٠- مسلم في الحيض(717)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

٢١- مجموع الفتاوى لابن تيمية(21/85).

٢٢- انظر هذه القاعدة في الأشباه والنظائر للسيوطي(136)، القواعد الفقهية للندوي(336).للشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله
 

 

 04-فتوة قيادة المرأة للسيارة/للشيخ عبد العزيز بن بازرحمه الله تعالى/
 
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد :

فقد كثر حديث الناس في صحيفة الجزيرة عن قيادة المرأة للسيارة ، ومعلوم أنها تؤدي إلى مفاسد لا تخفى على الداعين إليها ، منها : الخلوة المحرمة بالمرأة ، ومنها : السفور ، ومنها : الاختلاط بالرجال بدون حذر ، ومنها : ارتكاب المحظور الذي من أجله حرمت هذه الأمور ، والشرع المطهر منع الوسائل المؤدية إلى المحرم واعتبرها محرمة ، وقد أمر الله جل وعلا نساء النبي ونساء المؤمنين بالاستقرار في البيوت ، والحجاب ، وتجنب إظهار الزينة لغير محارمهن لما يؤدي إليه ذلك كله من الإباحية التي تقضي على المجتمع قال تعالى : { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } الآية .

وقال تعالى { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وقال تعالى : وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ }

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما " فالشرع المطهر منع جميع الأسباب المؤدية إلى الرذيلة بما في ذلك رمي المحصنات الغافلات بالفاحشة وجعل عقوبته من أشد العقوبات صيانة للمجتمع من نشر أسباب الرذيلة .

وقيادة المرأة من الأسباب المؤدية إلى ذلك ، وهذا لا يخفى ولكن الجهل بالأحكام الشرعية وبالعواقب السيئة التي يفضي إليها التساهل بالوسائل المفضية إلى المنكرات - مع ما يبتلي به الكثير من مرضى القلوب من محبة الإباحية والتمتع بالنظر إلى الأجنبيات ، كل هذا يسبب الخوض في هذا الأمر وأشباهه بغير علم وبغير مبالاة بما وراء ذلك من الأخطار وقال الله تعالى : { قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } وقال سبحانه : { وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ }

وقال صلى الله عليه وسلم : { ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء }
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني ، فقلت : يا رسول الله ، إنا كنا في جاهلية وشر فجاء الله بهذا الخير فهل بعده من شر؟ قل : " نعم " قلت : وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال : " نعم ، وفيه دخن " قلت : وما دخنه؟ قال : " قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر " قلت : فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال : " نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها " قلت يا رسول الله صفهم لنا؟ قال : " هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا " . قلت : فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال : " تلزم جماعة المسلمين وإمامهم " . قلت : فإن لم يكن لهم إمام ولا جماعة؟ قال : " فاعتزل تلك الفرق كلها ، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك متفق عليه .

وإنني أدعو كل مسلم أن يتق الله في قوله وفي عمله ، وأن يحذر الفتن والداعين إليها ، وأن يبتعد عن كل ما يسخط الله جل وعلا أو يفضي إلى ذلك ، وأن يحذر كل الحذر أن يكون من هؤلاء الدعاة الذين أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف . وقانا الله شر الفتن وأهلها ، وحفظ لهذه الأمة دينها وكفاها شر دعاة السوء ، ووفق كتاب صحفنا وسائر المسلمين لما فيه رضاه وصلاح أمر المسلمين ونجاتهم في الدنيا والآخرة ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

[

[

[

[

[

[

[

[

[

[

[

[

[

نزول الحجاب وخصت طائفة أخرى ذلك بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم

وسئل صلى الله عليه وسلم أي النساء خير ؟ فقال : التي تسره إذا نظر وتطيعه إذا أمر ولا تخالفه فيما يكره في نفسها وماله ] [ ذكره أحمد ]وسئل صلى الله عليه وسلم أي المال يتخذ ؟ فقال : ليتخذ أحدكم قلبا شاكرا ولسانا ذاكرا وزوجة مؤمنة تعين أحدكم على أمر الآخرة ] [ ذكره أحمد والترمذي وحسنه ]وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال : إني أصبت امرأة ذات حسب وجمال وإنها لا تلد أفأتزوجها ؟ قال : لا ثم أتاه الثانية فنهاه ثم أتاه الثالثة فقال : تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم ]وسأله صلى الله عليه وسلم أبو هريرة رضي الله عنه فقال : إني رجل شاب وإني أخاف الفتنة ولا أجد ما أتزوج به أفلا أختصي ؟ قال : فسكت عني ثم قلت : فسكت عني ثم قال : يا أبا هريرة جف القلم بما أنت لاق فاختص على ذلك أو زد ] [ ذكره البخاري ]وسأله صلى الله عليه وسلم آخر فقال : يا رسول الله ائذن لي أن أختصي قال : خصاء أمتي الصيام ] [ ذكره أحمد ]وسأله صلى الله عليه وسلم ناس من أصحابه فقالوا : ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم قال : أو ليس قد جعل لكم ما تصدقون به إن كل تسبيحة صدقة وكل تكبيرة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وأمر بمعروف صدقة ونهي عن منكر صدقة وفي بضع أحدكم صدقة قالوا : يا رسول الله يأتي أحدنا لشهوته ويكون له فيها أجر قال : أرأيتم لو كان وضعها في حرام أكان عليه وزر ؟ فكذلك إذا كان وضعها في الحلال كان له أجر ] [ ذكره مسلم ]وأفتى صلى الله عليه وسلم من أراد أن يتزوج امرأة بأن ينظر إليها ]وسأله صلى الله عليه وسلم المغيرة بن شعبة عن امرأة خطبها قال : اذهب فانظر إليها فإنه أجدر أن يؤدم بينكما فأتى أبويها فأخبرهما بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأنهما كرها ذلك فسمعت ذلك المرأة وهي في خدرها فقالت : إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك أن تنظر فانظر وإلا فإني أنشدك كأنها عظمت ذلك عليه قال : فنظرت إليها فتزوجتها فذكر من موافقتها له ] [ ذكره أحمد وأهل السنن ]وسأله صلى الله عليه وسلم جرير عن نظرة الفجاءة فقال : اصرف بصرك ] [ ذكره مسلم ]وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال : عوراتنا ما نأتي منها وما نذر ؟ قال : احفظ عورتك إلا من زوجتك وما ملكت يمينك قال : قلت : يا رسول الله إذا كان القوم بعضهم في بعض فقال : إن استطعت أن لا يرينها أحد فلا يرينها قال : قلت : يا رسول الله إذا كان أحدنا خاليا قال : الله أحق أن يستحيا منه ] [ ذكره أهل السنن ]وسأله صلى الله عليه وسلم رجل أن يزوجه امرأة فأمره أن يصدقها شيئا ولو خاتما من حديد فلم يجده فقال : ما معك من القرآن ؟ قال : معي سورة كذا وسورة كذا قال : تقرؤهن عن ظهر قلب ؟ قال : نعم قال : اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن ] [ متفق عليه ]واستأذنته صلى الله عليه وسلم أم سلمة في الحجامة فأمر أبا طيبة أن يحجمها قال : حسبت أنه كان أخاها من الرضاعة أو غلاما لم يحتلم ] [ ذكره مسلم ]وأمر صلى الله عليه وسلم أم سلمه وميمونة أن يحتجبا من ابن أم مكتوم فقالتا : أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا ؟ قال : أفعمياوان أنتما ؟ ألستما تبصرانه ؟ ] [ ذكره أهل السنن وصححه الترمذي ] فأخذت طائفة بهذه الفتوى وحرمت على المرأة نظرها إلى الرجل وعارضت طائفة أخرى هذا الحديث بحديث عائشة في الصحيحين أنها كانت تنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد وفي هذه المعارضة نظر إذ لعل قصة الحبشة كانت قبل

[

وسألته صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها عن الجارية ينكحها أهلها أتستأمر أم لا ؟ فقال : نعم تستأمر قالت عائشة رضي الله عنها : فإنها تستحي فقال صلى الله عليه وسلم : فذاك إذنها إذا هي سكتت ] [ متفق عليه ]

وبهذه الفتوى نأخذ وأنه لابد من استئمار البكر وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم : [ الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأمر في نفسها وإذنها صماتها ] وفي لفظ : [ والبكر يستأذنها أبوها في نفسها وإذنها صماتها ] وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم : [ لا تنكح البكر حتى تستأذن قالوا : وكيف إذنها ؟ قال : أن تسكت

[

ولما كان الاقتصار على قوله : ولا ذو عهد يوهم أنه لا يقتل إذا ثبت له العهد من حيث الجملة رفع هذا الوهم بقوله : في عهده وجعل ذلك قيدا لعصمة العهد فيه وهذا كثير في كلامه صلى الله عليه وسلم لمن تأمله كقوله : [ لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها ] فإن نهيه عن الجلوس عليها لما كان ربما يوهم التعظيم المحذور رفعه بقوله : ولا تصلوا إليها

والمقصود : أن أمره باستئذان البكر ونهيه عن نكاحها بدون إذن وتخييرها حيث لم تستأذن لا معارض له فيتعين القول به وبالله التوفيق

]وسألته صلى الله عليه وسلم جارية بكر فقالت : إن أباها زوجها وهي كارهة فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم فقد أمر باستئذان البكر ونهى عن إنكاحها بدون إذنها ] وخير النبي صلى الله عليه وسلم من نكحت ولم تستأذن فكيف بالعدول عن ذلك كله ومخالفته بمجرد مفهوم قوله : الأيم أحق بنفسها من وليها ؟ كيف ومنطوقه صريح في أن هذا المفهوم الذي فهمه من قال تنكح بغير اختيارها غير مراد ؟ فإنه قال عقيبه : والبكر تستأذن في نفسها بل هذا احتراز منه صلى الله عليه وسلم من حمل كلامه على ذلك المفهوم كما هو المعتاد في خطابه كقوله : [ لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده ] فإنه لما نفى قتل المسلم بالكافر أوهم ذلك إهدار دم الكافر وأنه لا حرمة له فرفع هذا الوهم بقوله : ولا ذو عهد في عهده

[

[

[

[

[

[

وسئل صلى الله عليه وسلم عن صداق النساء فقال : هو ما اصطلح عليه أهلوهم ] [ ذكره الدارقطني ] وعنده مرفوعا : [ أنكحوا اليتامى قيل : يا رسول الله ما العلائق بينهم ؟ قال : ما تراضى عليه الأهلون ولو قضيبا من أراك ]وسألته صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت : إن أبي زوجني من ابن أخيه ليرفع به خسيسته فجعل الأمر إليها فقالت : قد اجزت ما صنع أبي ولكن أردت أن يعلم النساء أن ليس إلى الآباء من الأمر شيء ] [ ذكره أحمد والنسائي ]ولما هلك عثمان بن مظعون ترك ابنة له فزوجها عمها قدامة من عبد الله بن عمر ولم يستأذنها فكرهت نكاحه وأحبت أن يتزوجها المغيرة بن شعبة فنزعها من ابن عمر وزوجها المغيرة وقال : إنها يتيمة ولا تنكح إلا بإذنها ] [ ذكره أحمد ]وسأله صلى الله عليه وسلم مرثد الغنوي فقال : يا رسول الله أنكح عناقا ؟ وكانت بغيا بمكة فسكت عنه فنزلت الآية : { الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك } 'النور : 3 ' فدعاه فقرآها عليه وقال : لا تنكحها ]وسأله صلى الله عليه وسلم رجل آخر عن نكاح امرأة يقال لها : أم مهزول كانت تسافح فقرأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الآية ] [ ذكره أحمد ]وأفتى صلى الله عليه وسلم بأن الزاني المجلود لا ينكح إلا مثله ] فأخذ بهذه الفتاوى التي لا معارض لها الإمام أحمد ومن وافقه وهي من محاسن مذهبه رحمة الله عليه فإنه لم يجوز أن يكون الرجل زوج قحبة ويعضد مذهبه بضعة وعشرون دليلا قد ذكرناها في موضع آخر

[

[

وأسلم قيس بن الحارث وتحته ثمان نسوة فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : اختر منهن أربعا ]وأسلم غيلان وتحته عشر نسوة فأمره صلى الله عليه وسلم أن يأخذ منهن أربعا ] [ ذكرهما أحمد ] وهما كالصريح في أن الخيرة إليه بين الأوائل والأواخر

[

[

وسأله صلى الله عليه وسلم فيروز الديلمي فقال : أسلمت وتحتى أختان فقال : طلق أيتهما شئت ] [ ذكره أحمد ]وسأله صلى الله عليه وسلم بصرة بن أكثم فقال : نكحت امرأة بكرا في سترها فدخلت عليها فإذا هي حبلى فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لها الصداق بما استحللت من فرجها والولد عبد لك فإذا ولدت فاجلدوها وفرقا بينهما ] [ ذكره أبو داود ]

ولا يشكل من هذه الفتوى إلا مثل عبودية الولد والله أعلم

[

[

وأسلمت امرأة على عهده صلى الله عليه وسلم فتزوجت فجاء زوجها فقال : يا رسول الله إني كنت أسلمت وعلمت بإسلامي فانتزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم من زوجها الآخر وردها إلى الأول ] [ ذكره أحمد وابن حبان ]وسئل صلى الله عليه وسلم عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقا حتى مات فقضى لها على صداق نسائها وعليها العدة ولها الميراث ] [ ذكره أحمد وأهل السنن ] وصححه الترمذي وغيره وهذه فتوى لا معارض لها فلا سبيل إلى العدول عنها

[

عن وطء المرأة

وسئل صلى الله عليه وسلم عن امرأة تزوجت ومرضت فمتعط شعرها فأرادوا أن يصلوه فقال : لعن الله الواصلة والمستوصلة ] [ متفق عليه

فصل

[

[

فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد ]

وقال : [ إن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن ]

وقال : [ لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلا أو امرأة في الدبر ]

وقال [ في الذي يأتي امرأته في دبرها : هي اللوطية الصغرى ] وهذه الأحاديث جميعها ذكرها أحمد في المسند

[

وسئل صلى الله عليه وسلم ما حق المرأة على الزوج ؟ قال : أن يطعمها إذا طعم ويكسوها إذا اكتسى ولا يضرب الوجه ولا يقبح ولا يهجر إلا في البيت ] [ ذكره أحمد وأهل السنن ]

عن حق المرأة

وسألته صلى الله عليه وسلم امرأة من الأنصار عن التجبية وهي وطء المرأة في قبلها من ناحية دبرها فتلا عليها قوله تعالى : { نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم أنى شئتم } 'البقرة : 223 ) ' صماما واحدا ] [ ذكره أحمد ]وسأله صلى الله عليه وسلم عمر رضي الله عنه فقال : يا رسول الله هلكت قال : وما أهلكك ؟ قال : حولت رحلي البارحة فلم يرد عليه شيئا فأوحى الله إلى رسوله : { نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم أنى شئتم } أقبل وأدبر واتقوا الحيضة والدبر ] [ ذكره أحمد والترمذي ] وهذا هو الذي أباحه الله ورسوله وهو الوطء من الدبر لا في الدبر وقد قال : [ ملعون من أتى امرأته في دبرها وقال : من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا

فتاوى في الزواج

فصل

 
 
Aujourd'hui sont déjà 1 visiteurs (1 hits) Ici!
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement