منهاج طالب العلم الشرعى





 

                                                       بسم الله الرحمن الرحيم

هذا بعون الله ما شاء الله ان نقدمه لكم فى طبق خير من الذهب وهو المسمى *منهاج طالب العلم الشرعى النافع للشيخ  أبو بكر يوسف لعويسي*وهذا البرنامج ناجح باءذن الله ويحتوى على أحسن طريقة للتفقه فى الدين وأخذ العلم النافع الذى من أخذه فاز بالجنة ومن تركه فقد فاته خير كثير أحبتى فى شاء الله أن يكون لى اخ سلفى المنهاج سنى وان اتحصل منه على هذا الكنز الثمين الذى لا يوزن بالذهب والفضة .واسئل الله لى ولكم الثبات على المنهاج السلفى والدعوة لأخى العزيز الذى امدنى بهذا الكنز الثمين ولا تنسونى بالدعاء  بظاهر الغيب .أخوكم فؤاد وكما أخبركم أن هذا الموقع ومعلومته سأتحصل عليها من كتب علماء السنة ءنشاء الله.

يقول الشيخ العابد لربه فى بحثه الرائع المسمى البرنامج الناجح لطلب العلم الشرعى النافع  

                                                بسم الله الرحمن الرحيم

ءان الحمد لله نحمده,ونستعينه ,ونستغفره ,ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد ى ,ومن يضلل فلا هادى له من بعده ءالا هو ,وأشهد أن لا ءاله ءالا الله وحده لاشريك له ,وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم  بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد فى الله حق  جهادة حتى أتاه اليقين .

اما بعد / فقضية التعلم أو طلب العلم  قضية أساسية  بالنسبة لكل  مسلم ,وتأتى فى أهمية بعد قضية الأيمان  بالله  عزوجل ,فأول واجب على كل مسلم هو الايمان  بالله والكفر بما سواه ,وهذا من حيث  الدخول فى الاسلام ,وءالا فالعلم قبل كل شيء حتى فى الاعتقاد ,وذلك قال  علماء السلف / العلم قبل القول والعمل ,وبوب البخارى فى كتاب العلم  قبل القول والعمل /*فاعلم أنه لا ءاله ءالا الله واستغفر لذنبك *فافتتح الأية بالأمر بالعلم ثم ثناها بالايمان  ثم بالاستغفار وهو العمل .

وبالتعلم يصحح المسلم ءايمانه وعقيدته ,وصحح وعمله ,حتى يكون مقبولا ,فالتعلم هو الوسيلة الوحيدة التى يتمكن بها المسلم المكلف من تصحيح ءايمانه وعمله  لكن لا ينتظر حتى يتعلم بل يجب عليه أن يؤمن أولا وقبل كل شيء بما جاء به محمد *صلى الله عليه وسلم *ولو على سبيل الاجمال ثم بعد ذلك عليه ان يتعلم.

ولا يخفى على أحد  ما تعيشه الأمة الاسلامية فى هذه الفترة من الجهل المطبق الذى عم أكثر الناس ,وظلام البدع والخرفات التى عمت فطمت, ولما كان لا يصلح شأن هذه الامة ءالا ماصلح عليه أولها ,وجب علينا الرجوع ءالى الكتاب والسنة مصدر التشريع للأمة ,ولا سبيل ءالىذلك  ءالا بطلب العلم والجد فى تحصيله ولا تصلح الدعوة ءالى الله ءالا على هذا, لأن فاقد الشيء لا يعطيه ,ومن تكلم فى غير فنه أتى بالعجائب  والغرائب

وقضية التعلم اليوم دخلها دخن كثير ,وشابتها  شوائب كثيرة  ما بين خرفات  موروثة  من التاريخ  وما بين بدع وانحرفات  صنعتها أصابع معاصرة ,وبين هؤلاء وأولئك  بقي الذين  ينشدون الحق  فى حيرة  بغيتهم وغايتهم  معرفة الله عزوجل ,وعبادته بما شرع على لسان  رسوله *صلى الله عليه وسلم*,ولكن أنى لهم والحالة هذه.وعلاوةعلى ماحدث من دخن وانحرف  فالطريق ءالى دين الله فيه مكاره ,وطلب العلم الشرعى  فيه ثقل على النفس ,ولذلك يحتاج طالب العلم  ءالى معرفة معالم الطريق الصحيح والمنهاج القويم  للتفقه فى دين الله  والصبر عليه ,واحتساب ما يلقاه فى ذلك فى سبيل الله .

ومن الأمور التى دعتنى لكتابة فى هذا الموضوع على قلة البضاعة هو قلة العلماء الذين يضعون البرامج والمناهج المفيدة والنافعة ,الموافقة للمنهج السلفى  بحق ,والذين  يجلسون لطلبة العلم فى حلق منتضمة مستتمرة فى بيوت الله ,أو فى بيوتهم ,ونظرا  للفتن التى تعصف بالأمة اليوم  والتى  تكاد تبتلع كثيرا من شباب الصحوة المقبل  على المنهج بعاطفة جياشة لا ينقذه منها ءالا العلم  الشرعى على منهج السلف  الصالح ,وزيادة على ذلك فقد طلب منى بعض ءاخوانى الحريصين على التعلم أن اضع لهم برنامجا ناجحا  نافعا يستعينون به على الطلب فى هذا الزمان والحالة كما ذكرت,وهذا ما حفزنى أن أجرى قلمى بعد ما كنت أقدم رجلا وأؤخر اخرىوأضع هذا البرنامج محاولا أن أقدم فيه لكل  من يريد أن يتفقه  برنامجا علميا وعمليا  ينتفع به من نوى ,وعزم على طلب العلم حتى دون شيخ ,وعجز عن الرحلة من بلدته للظروف التى تحيط به , والتى يفتقد فيها العلماء وطلبة العلم السنيين المخلصين والذين يفتحون بيوتهم ومساجدهم لاستقبال الطلبة , واذا وجدوا فلا حول ولا قوة لهم ...

والتعلم له طريقان  بحسب طاقة  الناس ,فمن كان قادرا على تلقى العلم من المشايخ  بالجلوس ءاليهم ودراسة العلوم عليهم وجب عليه أن يتعلم الحد الواجب  من العلوم,زمن لم يكن قادرا على ذلك  فعليه أن يتعلم  بطريقة السؤال ,يسأل أهل  الذكرالعلم عن المسائل  الضرورية  التى يصحح بها ءايمانه وعمله.

وقد سلك أصحاب رسول الله *صلى الله عليه وسلم* كلا المسلكين ,كل على قدر طاقته وعلى قدر ءامكاناته  ,فالمهاجرون والأنصار الذين كانوا معه *صلى الله عليه وسلم*فى المدينة  المباركة أكثرهم  تلقو العلم من فم رسول *الله صلى الله عليه وسلم*,ومن لم يسمعه من فمه سمعه منه ,وكانوا يتناوبون على سماع العلم منه *صلى الله عليه وسلم* وكثير من المسلمين فى عهده *صلى الله عليه وسلم* الذين لم يستطيعوا  التعلم بهذه الطريقة  تلقوه بطريق السؤال ,وكانوا يأتون ءالى رسول الله من كل حدب وصوب يسألونه عن الضرورى من أمور دينهم ,فيجيبهم بأوجز  عبارة وأبلغها فيفهمون المراد ويرجعون ءالى بلادهم وأقوامهم يبادرون ءالى العمل والدعوة ءالى ما تعلموا.

 وحتى النساء كن يحرصن على سؤاله *صلى الله عليه وسلم *زتعلم أمور الدين منه فكانت المرأة من الصحابيات ءاذا استحيت أن تسأله مباشرة فانها تسأله بواسطة بعض أمهات المؤمنين ءاذا كان الأمر يتعلق بشيء مما تستحي منه النساء ,وأما فى غير ذلك فيسألنه مباشرة ,ويحرصن على تلق العلم منه وبل منهن  من تأتي فتساله حتى عن تلك الأمور التى يستحى من ذكرها ,وتقول له/*ءان الله لا يستحى من الحق*.

وها هى اسماء بنت يزيد بن السكن رضى الله عنها تأتى الرسول وهو فى طائفة من أصحابه فتقول /يارسول الله/ءانى رسولة من ورائى من النساء ,يسألنك فيقلن /قد فاز الرجال بكثير من الأعمال  معك التى لم نستطع نحن النسوة أن نعملها ... يجالسونك ويتعلمون منك فما للنساء مقابل ذلك؟ فأعجب النبي*صلى الله عليه وسلم* سؤالها وقال لأصحابه –سمعتم ما قالت أسماء ؟ثم قال لها /ءارجعى واخبري من وراءك من النساء أن حسن تبعل ءاحداكن لزوجها يعدل ذلك كله /اسناده حسن.

وها هى أخرى تسأل رسول الله لما وقف يوم العيد خطيبا فيهن بعد أن خطب الرجال فقال  لهن/*تصدقن فانكن أكثر أهل جهنم ,أو حطب جهنم */ فقامت وقالت /يارسول الله /ولم كان ذلك ؟فقال  /*لأنكن  تكثرن الشكاة وتكفرن العشير*/وهو فى الصحيحيح.والاحاديث فى هذا الباب كثيرة ,فانظرءالى حرص النساء على تعلم العلم منه *صلى الله عليه وسلم *والمهم أن طلب العلم له طريقان /

الطريق الأول/  طريق التلقي أو التلقين ,وهو الجلوس فى حلقات العلم والأخذ عن أهل الذكر وأهل العلم يسمع منهم العلم ويتلقاه منهم مباشرة .

الطريق الثاني/  طريق السؤال ,لمن كان لا يقدر على الطريق الأول ,يسأل اهل الذكر كما أرشد ءالى ذلك الله تعالى *فاسألوا أهل الذكر ءان كنتم لا تعلمون*يسال كلما احتاج ءالى ذلك ,وخاصة ماهو  ضرورى من أمور دينه.

وسائل التعلم / ووسائل التعلم اليوم متوفرة –والحمد لله –منها المقروء ,والمسموع والمرئى ,وهى ,الكتاب والشريط,والأسطوانات المضغوطة ,والهاتف ,والشبكة العنكبوتية /الأنترنات / , ومن أنفع هذه الوسائل التى تبسط العلم وتقرب الفهم للطالب  السلاسل العلمية والدروس والمحضرات  المسجلة على  الأشرطة ,أو الأقراص  المضغوطة ,فعلى طالب  العلم  الذى يريد السير ءالى الله على نهج السلف ,أن يختار من هذه الوسائل  من كانت على نهج السلف الصالح ,فاذا لم يميز يسأل من يثق  فيهم حتى يوجهوه ءالى سبيل المؤمنين ,منهج الطائفة الناجية.

وللانتفاع بهذا البرنامج لابد لكل مريد للعلم أن يعرف تلك المعالم الأساسية التى ينبغى له أن يبنى عليها منهجه ,وهو يسلك طريقا يلتمس فيه علما حتى يسهل الله له به طريقا ءالى الجنة.

وهذا وأسأل الله تعالى أن ينفع به كل من طالعه ,ونظر فيه ,فاذا  انتفع به فحقى عليه أن لا ينسانى بدعوة صالحة بظهر الغيب ,كما أسأله سبحانه وتعالى أن يثقل به ميزان أعمالى يوم لا ينفع مال ولابنون ءالا من أتى الله بقلب سليم ,ءانه ولي ذلك والقادر عليه  أمين  والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيد الثقلين.

 فضل العلم والعلماء// أفضل مااكتسبته النفوس ,وحصلته القلوب ونال به العبد الرفعة فى الدنيا والأخرة هو العلم والايمان ,ولهذا قرن بينهما فى قوله تعالى /*وقال الذين أوتوا العلم والايمان لقد لبثتم فى كتاب الله ءالى يوم البعث*وفى قوله تعالى/ *يرفع الله الذين أمنوامنكم والذين أوتوا العلم درجات*.

وقد جعل الله المسلمين فرقتين أوجب على احداهما الجهاد فى سبيله ,وعلى الأخرى التفقه فى دينه لئلا ينقطع  جميعهم ءالى الجهاد فتندرس الشريعة ,ولايتوافروا على طلب العلم فتغلب الكفار على الملة فحرس بيضة الاسلام بالمجاهدين ,وحفظ شريعة  الايمان بالمتعلمين .قال تعالى /ما كان المؤمنين لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين *ولينذروا قومهم ءاذا رجعوا ءاليهم لعلهم يحذرون *وقد أمرهم سبحانه وتعالى بأن يكونوا ربانيين وحراس شريعته فقال/ *كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم بما كنتم  تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون * وأمر بالرجوع ءالى أهل العلم والذكر ,ومسائلتهم فى أمور الدين ورفع ذكرهم وأعلى منزلتهم ,وقرن شهادته بشهادتهم وما ذاك ءالا لفضلهم وعلو قدرهم.

قال ابن القيم الجوزية رحمه الله /استشهد سبحانه بأولى العلم على أجل مشهود عليه وهو توحيده فقال تعالى/

*شهد الله أنه لا ءاله ءالا هو والملائكة وأولي العلم قائما بالقسط لا ءاله ءالاهو العزيز الحكيم*وهذا يدل على فضل العلم وأهله من وجوه.

الوجه الأول// استشهادهم دون غيرهم من البشر.

الوجه الثاني//  ءقتران شهادتهم بشهادته .   

الوجه الثالث//    ءان فى ضمن هذا البيان تزكيتهم وتعديلهم ,فان الله لا يستشهد من خلقه ءالا العدول الأتقياء الأصفياء.  انظر مفتاح دار السعادة لابن القيم الجوزية *ج1/ص48-*.وهؤلاء هم خلاصة الوجوه ولبه ,والمؤهلون للمراتب العلية ,ولكن أكثر الناس غافلون عنهم ,وغالطون فى حقهم ,كما هم غالطون فى حقيقة مسمى العلم والايمان اللذين  تزكو بهما النفس وتكون بهما السعادة والرفعة  ءالى هذه الدرجة من الفضل  .

فما هو العلم  ؟ وما تعريفه ؟ وما العلم الذى أثنى الله تبارك وتعالى على أهله وأثنى عليه رسوله * صلى الله عليه وسلم*  ؟ وما الطريق ءاليه كى نطلبه  فنكون من الذين يرفعهم الله به الدرجات العلى , ويقبل شهادتهم ؟  .

 تعريف العلم الحقيقى //

قال ابن القيم الجوزية رحمه الله تعالى / نقل صورة المعلوم  من الخارج واثباتها فى النفس ...فان كان الثابت فى النفس مطابقا للحقيقة فى نفسها فهو علم صحيح ...وما كان منها مطابقا للحقيقة فى الخارج فهو نوعان/

أ- نوع /تكتمل النفس بادراكه  والعلم  به ,وهو العلم بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله ,وكتبه وأمره ونهيه .

ب- ونوع/ لا يحصل للنفس به كمال ,وهو علم لا يضر الجهل به , فانه  لا ينفع العلم  به ,وكان النبي * صلى الله عليه وسلم * يستعيذ بالله من علم لا ينفع .

وهذا حال أكثر العلوم فى زماننا التى لا يضر الجهل بها . كالعلم بالفلك و دقائقه ,ودرجاته  وعدد الكواكب  ومقاديرها ,والعلم بعدد  الجبال وألوانها  ومساحتها ,ونحو ذلك ...

فشرف العلم  بحسب  شرف معلومه وشدة الحاجة  ءاليه ,وليس ذلك ءالا العلم بالله تعالى وتوابع  ذلك . من كتاب الفوائد لابن القيم  بتصرف يسير * ص160 * .

وقال رحمه الله فى نونيته /

                     والعلم أقسام ثلاث مالها            من رابع والحق ذو تبيان

                    علم بأوصاف الاله وفعله           وكذلك الأسماء  للرحمان

                    والأمر والنهي الذى هو دينه      وجزءه   يوم  المعاد الثاني

                    الكل فى القرأن والسنة  التي      جاءت من المبعوث بالقرأن

                    والله ماقال أمرؤ متحذلق           بسواها  ءالا  من   الهذيان

فالعلم قوة النفس وحياة القلب ونور البصائر ,والجهل موت وظلمة  , ولا يظهر فعل العلم لمن لا عقل له , كما لا تبين  الشمس لمن ليس  يبصر , ومن عرف العلم وفضله لم يقض نهمته منه , ولم يشبع من جمعه طول عمره  .

وقد جاء عن الشارع الحكيم فى نصوص كثيرة الترغيب فى العلم والحث عليه , من ذلك قوله  تعالى /* قل هل يستوى الذين لا يعلمون والذين لا يعلمون *  وقوله تعالى/      *يرفع  الله الذين أمنوا منكم والذين أوتوا العلم  درجات * وقوله  تعالى/     *يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا*

ومن السنة قوله * صلى الله عليه وسلم * /*من يرد الله به خيرا يفقه فى الدين */  - متفق عليه – وفى مسند البزار والطبرانى باسناد لا بأس به ,عن ابن مسعود  رضى الله عنه  قال /قال رسول الله  * صلى الله عليه وسلم * /*ءاذا أراد الله بعبد خيرا فقهه فى الدين وألهمه رشده*/

وقوله /* من سلك طريقا يلتمس  به علما  سهل الله له طريقا  ءالى الجنة  */وهذا قطعة من حديث طويل رواه مسلم من حديث أبي هريرة –ح 2699 وأبو داود  كتاب العلم  ح 3643  وعن عمر بن الخطاب  رضى الله عنه  قال // قال رسول الله  *صلى الله عليه وسلم *  /*ما اكتسب مكتسب مثل فضل علم  يهدي صاحبه  ءالى هدى ,أو يرده عن ردى ,وما استقام دينه حتى يستقم عمله */ رواه الطبرانى فى الكبير  واللفظ  له فى الصغير ءالا أنه قال فيه /* حتى يستقم عقله*/ واسناده متقارب .موارد الضمأن لدروس الزمان ج1 /66.

وفى الصحيحين من حديث أبي هريرة  رضى الله عنه قال /قال رسول الله * صلى الله عليه وسلم *   /*مثل ما بعثنى  الله به  من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا  فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء وأنبتت الكلأ والعشب الكثير  وكان منها أجادب  أمسكت الماء فنفع الله بها الناس  فشربوا منها وسقوا وزرعوا ,وأصاب طائفة أخرى منها  ءانما  هى قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه فى دين الله تعالى ,ونفعه ما بعثني الله به فعلم  وعلم ,ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذى أرسلت به */

وصدق من قال  // 

                        

                و  اعلم   بأن  العلم  أرفع   رت             و  أجل  مكتسبا و  أسنى  مفخر

                فسلك  سبيل المقتفين   له   تسد            ءان     السيادة   تقتنى   بالدفتر   

                و   العالم  المدعو  حبرا   ءانما             سماه   باسم  الحبر حمل المحبر 

                و  العلم    ليس    نافع    أربابه             ما  لم   يفد  عملا و حسن تبصر

                فاعمل بعلمك توف نفسك وزنها             لا ترضى بالتضيع وزن المخسر     

 

وللعلم شرف عظيم وفوئد جمة لو جئت لأحصيها  لما وسعتنى أسفار وأسفار , والنصوص  فى ذلك كثيرة ونكتفي بهذا القدر , ومن أراد الزيادة فعليه أن يطلبها من  مظانها  وخير الكلام ما قل ودل ,والحكمة ضالة المؤمن أين وجدها فهو أحق بها  .

تنبيه ءالى كل عاقل نبيه/

وهنا أنبه ءالى ما يعتقده  كثير من الناس من أبناء هذه الأمة الاسلامية الذين اتبعوا سنن الذين من قبلهم ,شرقا وغربا ,وانبهروا بزخرف القول , وزينة الظاهر من الحياة الدنيا ,وأن العلم المقصود طلبه هذا العلم الدنيوى مثل *الرياضيات والفلسفة  ,والطب  والهندسة  وعلم الفلك و الفضاء وغير ذلك ..من هذه التكنولوجيا  التى بهرت العقول وأضلتها  عن الوضيفة الرئيسية التى  خلق لها هذا الانسان ,لذلك تراهم يقدسونها أيما تقديس.لأنها تخدم دنياهم وأهواءهم ,وبالمقابل أنهم لا يقيمون للعلم الشرعي الذي سبقهم فى جميع الميادين  أى وزن ,ولا أدنى قيمة واهتمام , فأخرجوه  من حياتهم الاجتماعية ,والاقتصادية ,والسياسية ,وحصروه فى الصوامع والمعابد والمحارب ,وجاءوا يركضون وبالزور ينطقون ,فقالوا /ءان الدين لا يخدم الدنيا , وهو أسباب  المشاكل  من عنف وءارهاب ,وجريمة , وفقر و تأخر وضعف الأمم , وهو الذى يقف أمامهم  حجر عثر ,ويمنعهم  من التقدم ,والتطور ,وهذا فى الحقيقة خطأ بين ,  وضلال واضح ,لأن العلم المقصود طلبه   والذى مدحه الله وأثنى على  أهله , ورفع مقامهم  , وحث عليه ,هو العلم بالدين ,هذا الذى ينبغي أن تكرس فيه الجهود ,وتفنى فيه الأعمار لأنه هو الذي يضبط مصالح العباد ,ويدفع المفاسد ,ويضع الموازين القسط للناس فلا تظلم نفس شيئا دنيا وأخرى , ولقد ,نعى الله تعالى على من جعل همه وشغله  الشاغل , العلم الدنيوى الظاهر , وهو عن علم الأخرة غافل , فقال جلت قدرته/  *يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا  وهم عن الأخرة هم غافلون* ثم ءان علم الشرع نفعه متعدي دنيا وأخرى ,أما العلم الدنيوى  فنفعه متوقف على المصلحة الدنيوية ليس ءالا ,فاى العلم أفضل , وأى الفريقين أهدى سبيلا ؟  .

الاتباع//

فاذا تعلمت فقه الدين  من توحيد وعبادات وغيرها فتعلمه على منهج السلف , ونعنى بالسلف أصحاب رسول الله  * صلى الله عليه وسلم *  ثم التابعون لهم باحسان وتابعيهم  والذين جاءوا من بعدهم  من الأئمة المرضين الذين ساروا على نهجهم , كالأئمة الأربعة  أبى حنيفة ومالك  والشافعى و أحمد ,وأئمة الحديث مثل عبد الرحمن بن مهدى  وشعبة بن الحجاج  والسفرانين ,والأوزعى والليث ,والحمادين  وابن المبارك والبخارى ومسلم والنسائى والترميذى وان ماجه  وأخرين ممن جاءوا من بعدهم ممن سلك نهجهم كابن  أبى زيد القيروانىوأبو عمر  الطلمنكى والحافظ ابن عبد البر , وبن تيمية وابن القيم وابن كثير والذهبي و ابن رجب وأمثالهم ممن مشوا على منهج الصحابة رضى الله عنهم , هم أئمة السلف ,وهم المعنيون بمصطلح السلف.

فاذا تعلمت فقه الايمان  فتعلمه على منهج هؤلاء وءاياك ودعاة السبل فتفرق بك عن سبيلهم فقد قال تعالى/ *ومن يشاقق الرسول ويتبع غير سبيل المؤمنين  نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا*

ولماذا نلح على منهج السلف رضوان الله عليهم , وخاصة  فى فقه الايمان ؟ لأن أصول المصادر التى يتلقى منها العلم فى الاسلام منضبطة  ضرورية ,ليست فوضى , ولا هى متروكة لاجتهاد الناس , فان المعلوم من الدين بالضرورة أمر توقيفى ,وما كان توقيفى فالحجة فيه الوحيين كتاب الله وسنة رسول الله *صلى  الله عليه وسلم *

ولكنهما يحتاجان ءالى شرح وتفسير , والمعول  عليهم فى شرح الكتاب والسنة وتفسيرهما أصحاب رسول الله  الرعيل الأول من هذه الأمة الذين  نزل الوحيان  بين أظهرهم, وشاهدوا التنزيل  ,وصحبوا محمد  * صلى الله عليه وسلم * ففهمهم  مقدم على فهم أي أحد من الأمة لأنهم أبر الناس قلوبا وأعمقهم علما وأحسنهم فهما للتطبيق الكتاب والسنة وذلك وذلك باتفاق جميع الأمة ,وقد زكاهم الله تعالى  , ولم يمت رسول الله  * صلى  الله عليه وسلم * ءالا وهراض عنهم .

ولماذا نقول الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح ؟

لأن أشرف العلوم وأنفعها علم الحدود لا سيما حدود المشروع –المأمور – والمنهى ,فأعلم الناس أعلمهم بتلك الحدود حتى لايدخل فيها ما ليس منها ولا يخرج منها ماهو داخل فيها  قال تعالى /  *الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر  ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله *   فأعدل الناس من قام بحدود المشروعات علما وعملا , ولا يمكن معرفة ذلك ءالا بالرجوع ءالى تلك الأصول الموصلة ءالى الله تعالى  .

فمن أراد العلم فعليه أن يكون أصله الكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة ,يأمر بالاتباع وينهى عن الابتداع ولا يجادل العلماء ولا يمارى السفهاء ,همه تلاوة القرأن الفهم عن الله مراده ,وفى سنن الرسول * صلى الله عليه وسلم * الفقه لئلا يضيع ما لله عليه ,فيلازم السنة ظاهرا وباطنا فى الأقوال والأفعال ,وكن شيخ الاسلام يقول /من فارق الدليل ضل السبيل ,ولا دليل ءالا ماجاء به الرسول ,وكان  الحسن البصرى  يقول /العامل على غير علم كالسالك على غير طريق ,والعامل على غير علم ما يفسد أكثر مما يصلح ,فكيف يصل ءالى النجاة من يجهل الطريق ,وكيف يمشي فى الطريق المظلم من ليس له نور يكشف به معالم الطريق ,ومن هنا قال ابن رجب رحمه الله تعالى /ءان العلم النافع من هذه العلوم كلها هو ضبط نصوص الكتاب والسنة وفهم معانيها ,والتقيد  فى ذلك بالمأثور عن الصحابة  والتابعين وتابعيهم منالسلف الصالح فى معانى القرأن الكريم والحديث النبوي وفيما ورد عنهم من الكلام فى مسائل الحلال والحرام والمعاملات وغير ذلك .

وأما من كان مخالفا لكلامهم فأكثر ه باطل أو لا منفعة فيه ,وفى كلامهم كفاية وزيادة ,وأنه يسعنا ما وسعهم ,ويغنينا ما أغناهم فقد كانوا والله يحرصون على ملازمة السنة واتباع الأثار حتى قال قائلهم /ءان استطعت ألا تحك رأسك ءالا بأثر *بدليل* فافعل .وبقي أن أنبهك ءالى المسالك الثلاثة  غير مسلك السلف فى فهم   الكتاب والسنة أذكرها لك باختصار لتكون على حذر منها .

01-المسلك الفلسفي الكلامي// وهو مسلك أولئك الذين اتخذوا الفلسفة ومنطق اليونان  طريقا  لفهم الكتاب والسنة ,عزفوا عن منهج الصحابة ,لأنه لم يعجبهم فلجؤا ءالى الفلسفة ومنطق اليونان واتخذوها وسيلة لفهم الكتاب والسنة وزعموا , والمسلك يتميز بالجدل ,وفرخ فرقا شتى فى داخل الأمة الاسلامية ,فرخ الجهمية والمعتزلة , والأشعرية , والكلابية , والماتريدية , وتحت هذا الفرق  فرق كثيرة ...

02- المسلك  الذوقى الصوفى // هذا المسلك أيضا فرخ فرقا لا تعد ولا تحصى , فالفرق الصوفية أكثر من أن تعد أو تحصى , وبعضها أبعد من بعض عن الاسلام ,وأبعدها وأخبثها * الحلولية * الذين يقولون / ليس لله وجود معين فأنكروا  وجود  الله , ويقولون الله حل فى كل شيء وليس له وجود خاص به .تعالى الله عما يقوله الظالمون علوا كبيرا.

03- المسلك الوثنى الباطنى // وهذا فرخ في أمتنا طرائق و أديانا  شتى و مللا لا صلة لها  بالاسلام أديان وثنية كالاسماعلية , والبصيرية  , وباطنية  الروافض ,لا ندرى ما صلتها بالاسلام , ينكرون القرأن  الكريم ويطعنون فى أصحاب رسول الله  و الاسماعلية والنصيرية  والدروز يعبدون  البشر  و  ينتسبون للاسلام  , فاذا أردت أن تتعلم فقه الدين فابتعد عن هذه المسالك  واحذر منها .

وأخيرا أخى طالب العلم  ينبغى لك أن تعلم أن المنهج الذى أرشدناك ءاليه هو منهج الوسطية  التي جعل الله أمة  محمد عليه فقال سبحانه وتعالى /*وكذلك جعلناكم امة وسطا * أى عدلا ,لا افراط ولا تفريط , وعلى هذا ينبغي لك أن تحذر من التعصب الذي أعمى كثيرا من البصائر , والجمود الفكرى الذى أصم كثيرا من العقول فانهما داءان خطيران لما وقع فيهما المتفقهون , وخاصة فى العصور المتأخرة  نقص شأن الفقه وكاد أن يغلق بابه  حتى ءاذا ما  وصلنا ءالى عصرنا  رأينا العجب نتيجة هذين الداءين ’فاستقم كما أمرت ولا تتبع أهواء الذين ظلموا أنفسهم . والله أسأل أن يرينا الحق  حقا ويرزقنا اتباعه ,ويرينا الباطل ويرزقنا  اجتنابه , أمين .

 

الاخلاص فى طلب العلم /

اخلاص النية لله هو المقصود فى كل عبادة وطلب العلم من أشرف العبادات والعمل به هو ثمرته, فلو نفع العلم بلاعمل لما ذم لله سبحانه أحبار أهل الكتاب ولو نفع العمل بلا اخلاص لما ذم المنافقين فى حسن النية فى طلب العلم بأن يقصد به وجه الله تعالى ,والعمل به ,واحياء الشريعة ,وتنوير قلبه وتحلية باطنه ,والقرب من الله تعالى يوم القيامة والتعرض لما أعد لأهله من رضوانه وعظيم فضله ولا يقصد به الأعراض الدنيوية من تحصيل الرياسة والجاه والمال ومبهاة وتعظيم الأقران  الناس له وتصديره فى المجالس ونحو ذلك فيستدل به الأدنى بالذى هو خيرفمن عمر ظاهره بالسنة وباطنه بالاخلاص تفجر فى صدره ينابيع العلم ولم يكد ينطق ءالا بالحكمة  ,وأما ءاذا كان علمه بلا اخلاص كان كالمسافر يملأ جرابه رملا يثقله ولا ينفعه .

يقول الشوكانى رحمه الله تعالى فى كتابه أدب الطلب *ص91*ان لحسن النية واخلاص العمل تأثير فى هذا المعنى فمن تعكست عليه بعض أموره من طلبه للعلم ,أو أكلف عليه مطالبه وتضايقت مقاصده ,فليعلم أنه بذنبه أصيب وبعدم اخلاصه عوقب أو أنه أصيب بشيء من ذلك محنة له ابتلاءواختبر ا  لينظر كيف  صبره واحتماله ,ثم يفيض عليه بعد ذلك من خزائن الخير ومخازين العطايا فى ما لم يكن بحسبان ولا يبلغ اليه تصوره ,فليعض على العلم بناجده ويشد عليه يده ويشرح به صدره فانه لا محالة واصل ءالى المنزل .

ولاينقطع عن طلب العلم لعدم خلوص نيته فان حسن النية مرجو له ببركة العلم . قال بعض السلف /طلبا العلم لغير الله فأبى أن يكون ءالا لله .قيل معناه /فكان  عاقبته أن صارلله ,فانه اخلاص النية لله لو فى شرط تعليم المبتدئين فيه عسرةعلى كثير منهم لأدى ذلك ءالى تفويت العلم على كثير

قيل لأحمد بن حنبل /ءان قوما يكتبون الحديث ولا يرى أثره عليهم وليس لهم وقار ؟قال أبو عبد الله/ يؤولون  فى الحديث ءالى خير.وقال حبيب بن أبي ثابت / طلبنا هذا العلم وما لنا فيه نية ثم جاءت النية والعمل بعد *الجامع لأخلاق الراوى* ولكن لا يستسلم بل يحاول معالجة نيته وءان كانت المعالجة شديدة فى أول الأمر يقول سفيان الثورى رحمه الله تعالى /ماعالجت شيئا أشد من نيتى .

فمن أخلص فى طلب العلم نيته وجدد للصبر عليه عزيمته كان جديرا أن ينال بغيته .

الطريق ءالى الاخلاص /

ما الطريق ءالى الاخلاص؟ هذا السؤال يجيب عنه ابن القيم الجوزية رحمه الله تعالى فى كتابه القيم الفوائد ص267 فيقول /

لايجتمع فى القلب ومحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس ءالا كما يجتمع الماء والنار والضب والحوت , فاذا حدثتك نفسك بطلب الاخلاص فأقبل على الطمع أولا فاذبحه بسكين اليأس ,وأقبل على المدح والثناء فازهد فيها زهد عشاق الدنيا فى الأخرة ,فاذا استقام لك ذبح الطمع والزهد فى الثناء والمدح سهل عليك الاخلاص .

فان قلت /وما الذى يسهل علي ذبح الطمع بالزهد فى الثناء والمدح ؟ قلت /أما ذبح الطمع فيسهله عليك يقينا أنه ليس من شيء يطمع فيه ءالا وبيد الله وحده خزائنه لا يملكه غيره ,ولا يؤتى العبد منها شيئا سواه .

وأما الزهد فى الثناء والمدح فيسهله عليك علمك أنه ليس أحد ينفع مدحه ويزين , و يضر ذمه ويشين ءالى الله  وحذه .كما قالذلك الأعربي للنبي *صلى الله عليه وسلم* /ءان مدحي زين ,وذمي شين , فقال *ذاك لله عزوجل *

فزهد فى مدح  من لا يزينك مدحه ,وفى ذم منيشينك ذمه وارغب فى مدح من كل الزين فى مدحه ,وكل الشين فى ذمه ,ولن يقدر على ذلك ءالا بالصبر واليقين ,فمتى فقدت الصبر واليقين كنت كمن أراد السفر فى البحر فى غير مركب  قال تعالى *فاصبر ءان وعد الله حق ولا يستخنك الذين لا يوقنون * الروم 60. وقال تعالى *وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بأياتنا يوقنون* السجدة 24 .    

الحرص على العلم ومجالس العلماء //   

 

العلم صناعة القلب وشغله فما لم تتفرغ لصناعته وشغله لم تنلها وله والشهوات  انصرفت عن العلم ومن لم يغلب لذة ادراكه العلم وشهوته على لذة جسمه وشهوة نفسه لم ينل درجة العلم أبدا فاذا صارت شهوته فى العلم ولذته فى كل ادراكه رجى له أن يكون من جملة أهله .انظر مفتاح وجهة واحدة ,فاذا وجهت ءالى اللذات دار السعادة .لابن القيم الجوزية.ولذلك كان علماءنا رحمهم الله تعالى يحرصون على العلم وجمعه حرصا ليس له نظير.

قل ابن أبي حاتم /سمعت المزني يقول للشافعي كيف شهوتك للعلم ؟ قال أسمع بالحرف –أى كلمة –مما لم أسمع ,فتود أعضائي أن لها أسماعا تنعم به ما تنعمت به الأذان  .

فقيل له //كيف حرصك عليه ؟ قال/ حرص الجموع المنوع فى بلوغ لذته للمال .فقيل له* فكيف طلبك له ؟ قال /طلب المرأة المضلة ولدها ليس له غيره .انظر كتاب تولي التأسيس ص106 .

وقد كان ابن عباس رضى الله عنه يأتي أبواب الصحابة فى عز الظهيرة يسألهم عن الحديث . فيروى الخطيب البغدادى *فى الجامع لأخلاق الراوي وأداب السماع ص/158 * وابن عبد البر فى*كتاب جامع بيان العلم وفضله ص 85 ج 01*  عن ابن عباس أنه قال / ان كان ليبلغني الحديث عن الرجل  فأتي بابه وهو قائل , فأسند ردائي على بابه , تسفى الريح علي من التراب ,فيخرج فيقول /يا أغبن عم رسول الله ما جاء بك ؟ ألا أرسلت علي فأتيك ؟ فأقول  /أنا أحق أن يأتيك , فأسأله عن الحديث ../

وهذا ابن معين رحمه الله تعالى خلف له أبوه ألف ألف درهم ,فأنفقها كلها على تحصيل الحديث  حتى لم يبق له نعل  يلبسه .انظر كتاب *بواسطة قيمة الزمن عند العلماء* ص-24-  .

ومن طريق ما وقع لهم أن شعبة  بن الحجاج جاء ءالى خالد الحداء فقال /ياأبا منازل /عندك حديث حدثني به ؟ وكان خالد عليلا    ,فقال له أنا وجع .فقال /ءانما هو واحد ؟ فحدثه به ,فلما فرغ قال /مت ءاذا شئت .

بل كان من ذلك ,فقد قال يحي بن حسان /كنا عند سفيا ن بن عيينة وهو  يحدث  فازدحمت فرقة من الناس على محل شيخ ضعيف فنتهبوه ودقوا يد الشيخ ,فجعل الشيخ يصيح /سفيان لا جعلتك مما عملوا بي فى محل , وسفيان لا يسمع ,حتى نظر رجل من أؤلئك  الذين صنعوا  بالشيخ ما صنعوا  فقال له /ما يقول الشيخ ؟ فقال /زدنا فى السماع  .انظر كتاب العزلة للخطابي ص 101 .

وهشيم رحمه الله تعالى كان سبب موته ازدحام طلبة  العلم عليه فقد قال الخطابي /ازدحم أصحاب الحديث على هشيم فطرحوه عن حماره فكان سبب موته .فبمثل هذا الشغف والعشق للعلم ظهر النبوغ والامامة فيهم ,ولو لا أن الله جعل الحرص فى قلوبهم  درس هذا الشأن .

 

 

تقديم الأولى فالأولى من العلوم /

ينبغى لطالب العلم أن يلتمس من العلوم أنفعها ,فان العلم كالبحار المتعذر كيلها والمعادن التى لا ينقطع نيلها ,والعمر قصير لا يستوعب ذلك كله فشتغل بالمهم منه فانه من شغل نفسه بغير المهم أضر بالمهم  ,وأهمه علم الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة ,وقد قيل /

                      ما أكثر العلم وما أوسعه                 من ذا الذي يقدر أن يجمعه

                      ان كنت  لا بد  له  طالبا                  محاولا    فالتمس     أنفعه

قال  ابن عباس رضي الله عنهما /العلم كثير , ولن تعيه قلوبكم  , ولكن اتبعوا أحسنه , ألم تسمعوا قوله تعالى / *الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه  * 

قال صالح بن عبد القدوس رحمه الله /

                      اذا طلبت العلم فاعلم أنه                  حمل  فأبصر أي  شيء تحمل

                      واذا علمت بأنه متفاضل                  فشغل فؤادك بالذي هو أفضل

فما هو أول ما يجب على كل مسلم أن يعلمه ويتفقه فيه ؟ .

أشرت فى المقدمة ءالى أن أول واجب على كل مسلم هو الايمان الذى يسميه بعض العلماء التوحيد وبعضهم يسميه العقيدة  / وكذلك فقه الأحكام الذى هو فقه الشريعة ,حتى يتسنى للمكلف أن يصحح ايمانه الذى سيلقى عليه ربه , ويصحح عمله الذى سيلقى به ربه , فهذان العلمان من فروض الأعيان ,لأنهما متعلقان  بالتكليف ,ومتعلقان بالعمل , فكل انسان  كلف بالايمان , وكلف بالعمل , فلتعلق هذين الفقهين , فقه الايمان وفقه الأحكام *الضرورى من الدين * يعدان من فروض الأعيان  على كل مسلم ,وءالا فدون فقه الأحكام  كيف يمكن للمسلم  متابعة رسول الله فى عبادته من صلاة وصيام  وزكاة ونسك وءان لم يتعلمها . كذلك  كيف يستطيع أن يصحح ايمانه الذى سيلقى عليه ربه ,ولا يقبل أي عمل منه  ءالا بعد سلامة  هذا الايمان وصحته , حتى يتعلم التوحيد فعلى كل مسلم أن يتعلم منهما كل على قدر طاقته .

تنبيه //

ونقصد بالفقه فى الدين المعنى الواسع ,العقيدة والشريعة وليس خاصا بالشريعة ,فلا تضن أن النصوص التى وردت عن  النبي *صلى الله عليه وسلم *  يحث فيها المسلمين على التفقه أو يثني على الفقه أنه أريد بها فقه أحكام الشريعة دون العقيدة ,بل أريد بها الفقه بمعناه الواسع الذى يشمل الفقهين  الأكبر والأصغر كما يسميه بعض المعاصرين , فقه العقيدة , وفقه الشريعة. وقول الرسول  * صلى الله عليه وسلم * /طلب العلم فريضة على كل مسلم /

روه مسلم . معناه على كل  مكلف رجلا كان أو ءامرأة , فلفظه *مسلم * يدخل فيها الذكر والأنثى , وهذا فى القرأن  والسنة كثير , وجاءت به لغة العرب فذا أطلق وصف المذكر يدخل فيه المؤنث , أما اذا خص الخطاب بالمؤنث لا يدخل فيه المذكر  , لكن اذا أطلق لفظ المذكر  فان المؤنث يدخل  ءالا بدليل يمنعه  من الدخول  ومنه قوله تعالى *يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن ءالا وأنتم مسلمون * فالأمر بالتقوى للمؤمنين جميعا ذكورا واناثا , وكذلك قوله  *صلى الله عليه وسلم * /المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده / رواه البخاري ومسلم .فالمسلمة من سلم المسلمون من لسانها ويدها .

وهنا فى هذا الحديث / المقصود الرجال والنساء بكلمة *مسلم * فطلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ,ولكن المقصود به هو الحد الواجب من الفقهين ,يعني القدر الذى تصحح به ايمانه وعملك , وليس المراد ما نسمعه فى زماننا من أن المقصود هو هذه العلوم التجريبية أو الصناعات  والحرف , فتخرج  المرأة تتعلم الحدادة والبناء والحقوق , استغفر الله بل العقوق  ,والمحامات .. وغيرها ذلك  مما لا يلائم  طبيعتها  وربما أضر بما  أكثر مما ينفعها .

وهذا الفهم هو الذى أدى بأغلبية المثقفين والمثقفات ءالى التبحر فى بعض علوم الأدوات . والصناعات  والحرف ... ءالى غير ذلك من العلوم التجريبية  , بل جعلوها لب الحياة  لكن اذا اكتشف عما فى صدورهم من فقه تجده بلقعا , صفر اليدين ,فأتقنوا الصنعة وخسروا السلعة , وتشاهدو نهذه الظاهرة  فى حياتنا المعاصرة  ليس لهم  حتى أدنى الاهتمام بالفقه فى الدين , وجل اهتمامهم بالعلوم المادية  ان صح التعبير .

حتى أصبحنا نسمع  من ينكر على من يتخصص فى العلوم الشرعية ويقول أي فائدة تعود على من يتعلمها ؟ .

بل يقولون أنها لا تجلب الرزق , سبحان  ربي هذا بهتان عظيم , ولكن ذلك يوم انقلبت الموازين , فأصبحت  الفضيلة رذيلة , والرذيلة فضيلة , والباطل  فى ثوب الحق , والحق فى صورة الباطل , فالحياء والحشمة تأخر , واختلاط الرجال بالنساء فى جميع مجالات  الحياة تقدم , والتدين تزمنت ورجعية , والتحرر من فضيلة الاسلام وجماله تمدن وحضارة , واعتقاد أن  الرزق بيد الخالق , وأن ذلك ليس لله الحق , فالسعي للوظيف هو الغاية الوحيدة , والكسب بأي وسيلة هو الضالة المنشودة والافتراق على كلمة الحق هو السيادة , وحينها عليك بخاصة نفسك فتفقدها  بما تعلمت , ودع عنك أمر العامة .          

 

ولكي تبني شخصيتك على أساس قوى لابد لك أن تحرص على سلم التعلم الذي اصطلح عليه العلماء فتقدم الأولى فالأولى , وتتدرج فيه شيئا فشيئا , فالعلم لا ينال قفزا  ,فانك ءاذا قفزت من فوق الجد ران    فزلت بك قدمك وسقطت على أم رأسك فى مجال التعلم فلا تلومن ءالا نفسك ,لأنك بدلا من تأتي البيوت من أبوابها أردت

أن تقفز من فوق الجدران ,كالطائر الذى يحاول أن يطير ولما يريش بعد فاذا حاولت أن تستغني عن سلم التعلم

وعن الندرج فيه فانك لا تصل ءالى فقه ولا تفقه أبدا , قال تعالى *وقرأنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا * .وصدق من قال / من دخل للعلم وحده خرج وحده أي بلا علم . واعلم أنه  من لم يتقن الأصول حرم الوصول , ومن لم يحفظ المتون  لم يستوعب شيئا من الفنون , ومن رام العلم جملة ذهب عنه العلم جملة , وقيل أيضا /ازدحام العلم فى السمع مضلة الفهم , وعليه فلا بد من التأصيل والتأسيس لكل فن تطلبه بضبط أصله  ومتنه على شيخ متقن لا بالتحصيل الذاتى .وقال تعالى//*وقال الذين كفروا لو لا نزل عليه القرأن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلنا ترتيلا *

فأمامك أمور لابد من مراعاتها فى كل علم تطلبه /

01 - حفظ متنه نظما كان أو نثرا أو حفظ مختصر فيه .

02- ضبطه على شيخ متقن *عرضه على شيخ * حتى يضبظ لك الك النص .

03- قرأة شرح عليه مبسط .

04- عدم الاشتغال بالمطولات وتفاريق المصنفات قبل الضبط والاتقان لأصله .

05- لا تنتقل من مختصر لأخر  فى نفس الفن بلا موجب فهذا من باب الضجر .

06- اقتناص الفوائد والضوابط العلمية , وتقييدها .

07- جمع النفس والهمة للطلب والترقي فيه , والاهتمام والتحرق للتحصل , والبلوغ ءالى ما فوقه حتى تفيض ءالى المطولات بسابلة موثقة .

واعلم أن ذكر المختصرات فالمطولات التى يؤسس عليها  الطلب والتلقي  لدى المشايخ تختلف غالبا من قطر ءالى قطر باختلاف المذاهب , وما نشأ عليه علماء ذلك القطر من اتقان هذا المختصر والتمرس فيه دون غيره.

والحال هنا تختلف من طالب ءلى أخر باختلاف القرائح  والفهوم وقوة الاستعداد وضعفه , وبرودة الذهن وتوقده .

وقد كان الطلب قديما يمر بعد مرحلة الكتاتيب والأخذ بحفظ القرأن الكريم بمرحل ثلاثة لدى المشايخ فى حلقات المساجد ودور العلم , مرحلة المبتدئين , ثم المتوسطين , ثم المتكنين , والمرحلة الأولى  وقد بينت لك فى هذا البرنامج كل مرحلة وما ينبغى لك أن تدرسه فيها  .

أخذ العلم عن أهله //

واحرص أن تتلقى كل علم من أهله لأن فى زمان ومكان تجد  من انتصب للتدريس والدعوة من أهل العلم , وهناك من نصب نفسه لذلك ممن نصب نفسه لذلك ممن ليس عنده أدنى علم , ولا هو من أهله , أو أنه من المبتدئين  فيه , فاحرص ان مكنك ذلك على  أن تتلقى العلم من الأكابر , ونعني بهم العلماء الذين  أفنوا جل أوقاتهم  وأعمارهم فى العلم فتمرسوا بمسائلة وتغلبوا على مشاكله , وعركتهم التجارب , فانك  ستستفيد من هؤلاء  علما وعقلا وحكمة وتوجيها و تربية وأدبا , وهذا هو منهج السلف , يتلقون العلم مع الأدب  , ولذلك  قيل / من تأدب ساد من لم يتأدب طرد عن الباب .

ولتعلم أن هذا العلم الذى تطلبه دين فنظر عمن تأخذ دينك , فالعالم الذى تأخذ عنه يعتبر حجتك بينك وبين الله , فانظر من تجعل حجتك بين يدي الله عزوجل .

وكما ذكرت سابقا , أن الأصل  فى طلب العلم أن يكون بطريق التلقين والتلقى عن الأسا تذة  ,  والأخذ من أفواه الرجال , لا من الصحف وبطون الكتب , وصدق من قال /من كان شيخه كتابه كان خطئه أكثر من صوابه , فكل   

  صنعة تحتاج ءالى صانع , فلابد اذا لتعلمها من معلمها الحاذق.

الحفظ وأهميته //

الحفظ نعمة  من الله تعالى أنعم بها على عباده , والناس فيها على مراتب  وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وله فيه الحكمة البالغة , وقد ذكر ابن  القيم رحمه الله تعالىما فى الحفظ  والنسيان من حكم , فاطلبه ان شئت فى كتابه مفتاح دار السعادة  * ج1-277  * فانه نفيس .

وكثرة الحفظ تكسبك  سعة الاطلاع . وبالحفظ تحوز العلم فى صدرك فلا تكفي القرأة بلا حفظ , ولا الحفظ بلا سعة الاطلاع .فينبغي عليك أن يكون جل همتك مصروفا ءالى الحفظ  والاعادة *التكرار * فلو صح صرف الزمان ءالى ذلك لكان أولى غير البدن مطية واجهاده فى السير مظنه للانقطاع  فعليك بالرفق وأعطي  كل ذى حق حقه , فلا تجهد نفسك أكثر مما تطيق , ولا تترك لها اللحام لترتع حيث شاءت .

وعليك بتعهد محفوظاتك من وقت لأخر فان عدم التعاهد عنوان الذهاب للعلم مهما كان , عن ابن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله  *صلى الله عليه وسلم * قال //*ءانما مثل صاحب القرأن كمثل صاحب الابل المعلقة ,ءان عاهد عليها أمسكها , وءان أطلقها ذهبت *رواه الشيخان .

قال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله تعلى/ وفى هذا الحديث دليل على أن من لم يتعاهد علمه ذهب عنه أي من كان , لأن علمهم كان ذلك الوقت القرأن  لا غير , واذا كان القرأن الميسر للذكر يذهب ان لم يتعاهد فما ظنك  بغيره من العلوم المعهودة , وخير العلوم ما ضبط أصله , واستذكر فرعه , وقاد ءالى الله  , ودل على ما ترضاه. التمهيد لابن عبد البر *ج 14-133/134* .

الأمور المعينة على الحفظ //

01*تقوى الله تعالى /فان التقوى من أعظم أسباب حفظ العلم , قال تعالى / * واتقوا الله ويعلمكم الله * . فرأس العلم تقوى الله , ومن  الأمور المعينة على الحفظ / اجتناب ارتكاب المحرمات ومواقعة الأمور المحظورة ...

سأل رجل الامام مالك ابن أنس , ياأبا عبد الله هل يصلح لهذا الحفظ شيء ؟ قال /ءان كان يصلح له شيء فترك المعاصي   .

وأنشد أبو طالب يحي بن على الدسكري لبعضهم , وقيل أن هذا ينسب للشافعى .

              شكوت  لوكيع  سوء حفظي              فأرشدنى ءالى ترك المعاصي

              وقال بأن حفظ الشيء فضل              وفضل الله  لا  يدركه  عاصي

02* الكتابة / ومن الأمور المعينة على الحفظ الكتابة , فان التقيد العام بالكتابة يساعد على حفظه و تأمينه من الضياع , وقصر لمسافة البحث عند الاحتياج لاسيما فى المسائل العلم التى يكون فى غير مظانها , ومن أجل فوئده أنه عند كبر السن وضعف القوى يكون لديك تستجر منها وتكتب منها  وتكتب بلا عناء فى البحث  والتقصى , لذا فجعل لك مذكرة لتقيد الفوائد  والفرائد والأبحاث المنثورة فى غير مظانها .

وقد قيل /العلم صيد والكتابة قيده / وقال الشاعر                                                                                                     قيد صيودك بالحبال الواثقة ***  فمن  الحماقة  أن تصطاد غزالة وتتركها بين الناس طالقة .

وقد يكون الحفظ  شاقا فى الأول ولكن مع الممارسة والتعود يسهل باذن الله تعالى , فان الله جعل فى هذا القلب القدرة على حفظ العلم والاتساع مع زيادته , ولذلك قال بعض أهل العلم /

كل وعاء أفرغت فيه شيئا يضيق ءالا القلب فانه كلما  أفرغ فيه اتسع .وءالى هذا أشار الحديث القدسي قال الله تعالى فيه *لم تسعني سمائي ولا أرضي ولكن وسعنى قلب عبدي المؤمن * ولكنه حديث لا يصح .

03* ومنها المدارسة والتكرار / وبالمدارسة والتكرار يسهل عليك الحفظ , فان الحفظ لا يكون ءالا مع شدة العناية وكثرة الدروس وطول المذاكرة , واامذاكرة حياة العلم , وقد كان بعض السلف يذاكر العلم مع جاريته المملوكة , وبعضهم مع دابته , وأخر مع نفسه فى الخلاء  وهكذا وصدق من قال القلوب تراب والعلم غرسها والمذاكرة ماؤها , فاذا انقطع عن التراب الماء جف الغرس .

04*ومنها اختيارالزمان و المكان /  يقول الخطيب البغدادي /اعلم أن للحفظ ساعات لمن أراد أن يرعاها , وللحفظ أماكن ينبغي للمتحفظ  أن يلزمها , فأجود الأوقات الأسحار ثم بعدها أي بعد صلا ةالصبح , وبعد القيلولة , ولعد العصر وحفظ الليل أصلح من حفظ النهار .قيل لبعضهم بما  أدركت العلم /قال  *بالمصباح , وأجود الأماكن الحفظ فى البيوت الخالية من الزخرفة والملاهي , وكل موضع بعيد مما يلهي وخلا القلب فيه مما يفزعه ويشغله . أو يغلب عليه فيميته , وليبتعد عن هذه الأماكن , شطوط الأنهار والبحار , وقوارع الطرق

 والأماكن الخضرة بالنباتات والأزهار ففي هذه الأماكن لابد أن يجد ما يشغله عن الحفظ .

05*الاقتصاد فى المأكل والملبس والنوم / وعلى طالب العلم اصلاح الغذاء واجتناب الأطعمة الرديئة فانه يساعد على الحفظ , وعليك بتنقية طبعك من الأخلاط المفسدة , وأفضل طريق ءاليه الحجامة بشروطها واصلاح الغذاء والاعتدال فيه , وعليه باجتناب أوقات الجوع دون أوقات الشبع وليس بالجوع المفرط  , لأن بعض الناس لا يستطيع أن يطالع أن يطالع حتى المطالعة مع الجوع فكيف بالحفظ , وكذلك الشبع المفرط , وان كان فلابد أكل فثلث للأكل وثلث للماء , وثلث للنفس , وأن  لا يفرط فى بعض المأكولات التي تسبب البلادة , وعليه بالغذاء الذى يسبب له الفطنة والذكاء , وأن يقتصد فى النوم , فان كثرة النوم تميت القلب , وتسبب الارتخاء للجسم , كما أن قلة النوم تسبب اختلال الأعصاب وتورث التعب والارهاق    .

06*نفقة العلم والعمل بما تعلم / ءان العمل بما تعلم هى ثمرة العلم , ونفقته زكاته , ذكرالخطيب البغدادي فى كتاب شرف أصحاب الحديث  عن علي بن أبي طالب رضى الله عنه قال   /هتف العلم بالعمل فان أجابه وءالا ارتحل .

     وقال الشاعر  /

          وان أوتيت  فيه بطول باع              وقال الناس  /انك قد سبقتا 

          فلا تأمن سؤال  الله    فيه              بتوبيخ ,علمت فهل عملتا ؟

وقال  أخر /وعالم بعلمه لا يعلمن ** فهو فى النار مع عباد الوثن

ومصداق هذا حديث النبى *صلى الله عليه وسلم * فى الثلاثة الذين هم أول  من تسعر بهم النار وفيهم عالم لا يعمل بعلمه .والحديث فى صحيح مسلم .

07* تكوين مكتبة /ومنها جمع الكتب وتكوين مكتبة والنظر فيها وكثرة القرأة و والولوع بها فان الكتاب هو أفض جليس وأخلص أنيس . وكذلك الأشرطة والأقراص المضغوطة سماعا وتفريغا. فمن رعى هذه الأمور فانه يسهل عليه الحفظ , وينال العلم .  والله أسأل أن يوفقنا للصواب ويهدينا سواء الصراط ويجعلنا من دعاة العلم انه سميع مجيب .

الخلاصة * والخلاصة إن هذا البرنامج يتطلب ثلاثة مراحل , يتفرغ الطالب فيها كلية للعلم , لأن العلم ان أعطيته كلك أعطاك بعضه , وان أعطيته بعضك لم يعطك شيئا .فليحرص الطالب على وقته ولا يصرفه ءالا  فى الحفظ متن أو صيد فائدة , أو اقتناص شاردة , أو تحصيل حكمة جديدة , فلا يرى ءالا منهمكا , وبالعلم شغوفا مهموما  لا يلتفت ءالى دنيا الناس , مستعينا عائدا بالله من شر نفسه  وشر الوسواس , سالكا طريقا الأكياس  ليدعى بذلك فى الملكوت الأعلى أنه من خير الناس .

أ*المرحلة الأولى *يعتمد فيها الطالب على الحفظ والجمع فقط , ويتطلب منه سنتين على الأقل  وتسمى مرحلة التأسيس آ يؤسس  الطالب فيها نفسه على ما خزن وحفظ فى ذاكرته  من المتن سواء كانت منضومة أو منثورة , ويضبط ذلك ويتعاهده , بحيث اذا احتاجه استحظره بسهولة .

ب*المرحلة الثانية*  وهذه المرحلة يعتمد فيها الطالب على الحفظ والقرأة والفهم و الاستعاب و وتتطلب منه سنتين أيضا على الأقل و وتسمى مرحلة التكوين , يكون الطالب فيها نفسه على استحضارالحجة والدليل فى شروحه للموتنالتى حفظها والمسائل التى فهمها  واستوعبها .

ج*المرحلة الثالثة* وهذه المرحلة  يعتمد فيها الطالب على القرأة والفهم والبحث والتحرير والحفظ واذا أمكن , وتتطلب منه هذه المرحلة ثلاث سنوات على الأقل, لأن فيها  مقررات طويلة و من قرأة للشروح  المتوسطة , وجرد المطولات , والمقارنة بين الأدلة بل ان هذه المرحلة هى العمر  كله على حد الأثر الذى يقول / اطلبوا العلم من المهد ءالى اللحد , وقول الامام أحمد مع المحبرة ءالى المقبرة .

                                   

                                    * تنبيه ءالى كل  طالب نبيه *

هذا هو الطريق الذى ينبغي أن يسلكه طالب العلم مع ملازمته الانضباط بأداب الطلب , ومن أعظمها الهدى والصمت الصالح , والتواضع فى غير مذلة , والعزة بالنفس فى غير تكبر , مترفعا عن سفاسف الأمور وسيء الأخلاق   , بشوشا طموحا يرى على وجهه بشاشة  العلم ونوره , وليتيقن أن هذا الطريق شاق , وأن العلم بالله وبدينه ونبيه ثقيل على النفوس , ءالا من تجرع حلاوته فليصبر وليحتسب كل لحظة فى ذلك فى سبيل الله

لان الامامة فى الدين لا تنال ءالا بالصبر واليقين كما قال سبحانه وتعالى / *وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا  وكانوا بأياتنا يقولون *.

ومن الأمور التى ينبغي ان لا يلتفت ءاليها الطالب بل يجتنبها كلية *القيل والقال *علم البطالين من العجائز والنساء  وغيرهم . الذين أعجزتهم متن العلم أن يحفظوها فلجأوا  ءالى علم الجرح  .ليدافعوا به على حياض السنة ويحفظوا به بيضة الأمة – زعموا – والأمر ليس كذلك لأن هذا مذهب النفوس المريضة بشهوة التعالم والغيبة والنميمة .وحب الظهور والتكبر على أهل العلم , أما علم الجرح والتعديل الذى اصطلح عليه أهل السنة والحديث فهو من أجل العلوم وأعظمها لحفظ السنة من التبديل والتحريف .والزيادة والتكيف , وكذلك حفظ هذا الدين من البدعوالحدثات والخرفات  ,فحاشاه أن يكون بهذه الطريقة الفاسدة والمفسدة , وحاشاه أن يتولاه من لم يتسلح بسلاح العلم , والعدل والورع  و فهؤلاء الذين الذين تقلدوه لم يسلكوا فيه سبيل أهل العلم , ومن أخذ العلم على الطريقة التى ذكرت والتي تتمثل فى تلك المراحل , ذلك أن أهل العلم ,من السلف الصالح كانوا  يأخذون العلم من أهله بالتدرج , ويبدءون فيه بالأهم فالاهم , حتى يصلوا ءالى هذا العلم , ثم يوظفوه بحكمة وأدب , حتى تكون أدعى للقبول , ويرضاها المخالف قبل المؤالف .

أما أخذه بهذه الطريقة التى نراها , حيث يلقن الطالب أول ما يلقن علم الجرح والتعديل – أستغفر الله – بل علم الجرح دون التعديل , فهذا والله ضرب من الفساد والفتنة فى هذه الأمة وهو خطر على الطويلب كما هو خطر على الأمة , لأنه يسبب فوضى عارمة  , وفتنة عمياء ظالمة . كما يسبب الصد على طلب العلم , وقبول الحق من أهله , وفقدان الثقة بهم , وعلاوة على ذلك يمرض القلب ويحدث الشقاق والافتراق , ويمزق وحدة أهل السنة والجماعة , وينتج عنه الولاء والبراء على الحزبية والرموز الطائفية التي كنا نعيبها على الفرق والحزبين , فقد حث الاسلام أهله على الاعتصام بالكتاب والسنة على ماكان عليه النبي *صلى الله عليه وسلم *

وصحابته الكرام ,كما حثهم على طلب علم ذلك بفهم سلف الأمة حتى يتبين لهم سبيل المؤمنين من سبيل المجرمين  .

أيها الطلاب  اتقوا الله سبحانه وتعالى وأتوا البيوت من أبوابها , و تدرجوا فى سلم العلم , ولا تتسرعوا التصدر فيه وامسكوا عن القول فيه بغير علم , فكما أنكم تعلمتم وتتعلمون العلوم الدينية بالتدرج فى المدارس النظامية  ولا تجيزون لأنفسكم الخوض فى علم المرحلة التى لم تنتقلوا ءاليها بعد , فكذلك ينبغى عليكم أن تفعلوا ذلك بعلم الشرع الذى هو أولى وأهم  لأن الله حذركم من الوقوع فى ذلك فلا تجيزوا  لها  أن تتجاوز حدود ما يمكن أن تحمله من علم يناسب مستواها , فلذلك يكون وبالا عليها ءاما بالسقوط والانتكاس  وءاما بالخبط والخلط و حيث يصبح الطالب ألة يفسد أكثر مما يصلح  .

فلا تسمحوا لأنفسكم أن تخوض فيما لا علم لها به وقفوا عند قول الله تعالى /*ولا تقف ما ليس لك به علم ءان السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا * هذا فلتكونوا أو دعوا القوس لباريها .

وأخيرا / أخي الطالب ستجد فى أخره هذه المذكرة برنامجا مفصلا لكل مرحلة من تلك المراحل وما يناسبها  من العلوم , وهو محض اجتهاد أدركت عليه مشايخنا , الذين أخذناه عنهم ولعله رعى فيه مكان دون أخر و وقد قمت أنا بتغير بعض مقرراته لتناسب مع البلد الذى نحن فيه , وهو قابل أيضا للتغير حسب ما تقتضيه المصلحة والحاجة فى هذا البلد والله أعلم .

اتقوا الله حق تقاته , واعلموا أن أجسادكم على النار لا تقوى , واسألوا  الله أن يهدينا جميعا للطريق الأقوم والأقوى , وأن يسدد خطانا لما فيه خير البلاد والعباد ويسدد خطانا ويثبتنا على منهج السلف الصالح ءانه ولي ذلك والقادر عليه . وصلى اللهم وسلم على المبعوث رحمة للعالمين وعلى أله وصحبه وأتباعه بحق من المؤمنات والمؤمنين  ءالى يوم الدين . وأخر دعوانا الحمد لله رب العالمين .

 

                *البرنامج الناجح لتلقي العلم الشرعي النافع *

المرحلة الأولى /  مرحلة التأسيس ويتطلب برنامجها سنتين على الأقل , ويعتمد فيها الطالب فى الغالب على الحفظ والجمع فقط .                وءاليك الجدول *

 - 01- القرأن وعلومه   /   حفظ جزء تبارك مع قراءة فى الجزء الرابع من التفسير *أبوبكر الجزائرى   + أحكام التجويد  *محمد معبد *     +حفظ المنظمة الجزرية أو تحفة الأطفال *تجويد *  .

-02- السنة و علومها     /  حفظ الأربعين النووية   +حفظ البيقونة مع شرحها للعثيمين +  الجزء 01 من تيسير العلام بشرح عمدة الأحكام   .

-03- التوحيد والعقيدة     /  حفظ  نظم مقدمة ابن أبي زيد القيرواني + تبسيط العقائد للشيخ ابن باديس الجزائري +شرح الأصول الثلاثة للشيخ العثيمين  .

-04- أصول الفقه            /حفظ الورقات للجويني أو نظمها للعمريطي   + امتاع العقول بروضة الأصول لشيبة الحمد    +الأصول من علم الأصول للعثيمين  .

-05- الفقه    /  حفظ التعريفات اللغوية للشيخ علي هندي   +حفظ متن الشماوية فى الفقه المالكي

 +  قراءة فى شرح العشماوية لمصطفى ديب البغا  .

-06- السيرة والتاريخ  /مختصر السيرة لمحمد عبد الوهاب أو جوامع السيرة لابن حزم   + مختصر الشمائل المحمدية للألبانى    + الرحيق المختوم للمباركفوري  .

-07- النحو والبلاغة  / حفظ الأجرومية فى النحو مع قراءة شرحها المسمى التحفة السنية  محي الدين عبد الحميد   + البلاغة الواضحة على الجا زم   .

 هذه هى المرحلة الأولى  قد ءانتهت وءاليك هذه الكتب للمطالعة  والبحث فيها لا يستغنى عنها طالب العلم *

      *فى التفسير وعلومه *  1- تقسير ناصر السعدي .   2 – تفسير أضواء البيان للأمين الشنقيطي . 3 – تفسير الامام ابن جرير الطبري . 4- التفسير لكبير لابن تيمية . 5 – التفسير القيم لابن القيم .  6 – تفسير المراغي  . 7 –الاتقان فى علوم القرأن للسيوطي  .  8 – التفسير والمفسرون للدكتور الذهبي  .9- أحكام القرأن لابن العربي المالكي  . 09- نيل المرام فى تفسير أيات الأحكام لصديق حسن خان .        انتهى .

 المرحلة الثانية / مرحلة التكوين  . ويتطلب برنامجها على الأقل سنتين ويعتمد فيها الطالب على الحفظ والقراءة والفهم  والاستعاب  .

 

 
 
Aujourd'hui sont déjà 7 visiteurs (8 hits) Ici!
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement